كسرت اللام في "عمرو" وهو مدعو لأنه يسوغ في المعطوف على المنادى ما لا يسوغ في المنادى. ألا ترى أن الألف واللام تدخل على المعطوف على المنادى, ويجوز فيه النصب, وإنما يتمكن في باب النداء ما لصق "بيا" يعني بحرف النداء.
وأما أبو العباس -رحمه الله- فكان يقول في قولهم: يا لزيد ولعمرو, إنما فتحت اللام في "زيد" ليفصل بين المدعو والمدعى إليه فلما عطفت على "زيد" استغنيت عن الفصل لأنك إذا عطفت عليه شيئًا صار في مثل حاله١ وقال الشاعر:
يَبْكِيكَ نَاءٍ٢ بَعِيدُ الدارِ مُغتَربٌ ... يا لَلْكُهُولِ ولِلشُّبان لِلْعِجبِ٣
وأما التي في التعجب فقول الشاعر:
لَخُطَّابُ لَيْلَى يا لبُرثُنَ مِنْكُمُ ... أَدَلُّ وأمضى مِنْ سُليكِ المقانبِ٤
وقالوا: يا للعجب ويا للماء لما رأوا عجبًا أو رأوا ماء كثيرًا, كأنه يقول:
١ انظر: المقتضب: ٤٠/ ٢٥٥.
٢ في الأصل "نائي" بالياء.
٣ الشاهد فيه على أن لام المستغاث المعطوف تكسر إن لم تعد معه "يا" وذلك في قوله "وللشبان" والنائي: البعيد النسب.
ولم ينسب هذا البيت لقائل معين، وانظر: المقتضب ٤/ ٢٥٦، والصاحبي/ ٨٥، والكامل/ ٦٠٢، والموجز لابن السراج/ ٤٩، وشرح السيرافي ٣/ ٥٢، ورواه: "يبكيه" بهاء الغائب والجمل للزجاجي/ ١٨٠، والهمع ١/ ١٨٠، والعيني ٤/ ٢٥٧.
٤ من شواهد سيبويه ١/ ٣١٩ على دخول لام الاستغاثة على "برثن" تعجبا منهم لا مستغيثا بهم، وكانوا قد دخلوا امرأته وأفسدوها عليه، فقال لهم هذا متعجبا من فعلهم. والسليك: هو مقاعس من بني سعد بن مناة من بني تميم، وإنما شبههم به في حذقهم وقدة حيلتهم في الفساد والمقانب: جماعات الخيل، واحدها مقنب.
ونسب البيت لفرار الأسدي، وانظر: شرح السيرافي ٣/ ٥٢، وابن يعيش ١/ ١٣١، والأشباه والنظائر ٣/ ١٤٢، ورواه صاحب اللسان في "قنب": على الهول أمضى من سليك المقانب.