ومَا صَرَمْتُكِ حَتَّى قُلْتِ مُعْلِنَةً ... لاَ نَاقَةٌ ليَ في هذا ولا جَمَلُ١
وكذلك إذا فصلت بين "لا" والاسم بحشو, لم يحسن, إلا أن تعيد الثانية؛ لأن جعل جواب إذا عندك أم ذا, فمن ذلك قوله تعالى: {لا فِيهَا غَوْلٌ وَلا هُمْ عَنْهَا يُنْزَفُونَ} ٢. ولا يجوز: لا فيها أحد, إلا على ضعف, فإن تكلمت به لم يكن إلا رفعًا لأن "لا" لا تعمل إذا فصل بينها وبين الاسم رافعة ولا ناصبةً, ومعنى قولي: رافعةً إذا أعملت عملَ/ ٤٦٠ ليسَ تقول: لا أحدٌ أفضلَ منكَ في قولِ مَنْ جعلهَا كـ"ليس".
الثالث: وهو ما عمل فيه فعل أو كان في معنى ذلك:
اعلم: أن هذا يلزمك فيه تثينة "لا" كما لا تثنى لا في الأفعال وذلك قولك: لا مرحبًا ولا أهلًا, ولا كرامةً ولا مسرةً ولا سقيا, ولا رعيا, ولا هنيئًا ولا مريا, لأن هذه الأسماء كلها عملت فيها أفعالٌ مضمرة, فالفعل مقدر بعد "لا" كأنك قلت: لا أكرمك كرامةً ولا أسرك مسرةً, فعلى هذا جميع هذه الأسماء وما لم يجز أن يلي "لا" من الأفعال, لم يجز أن يليها ما عمل فيه ذلك الفعل, لا يجوز أن تقول: لا ضربًا وأنت تريد الأمر لأنه لا يجوز: لا أضرب إنما تدخل على الدعاء إذا كان لفظه لفظ الخبر وأضربه على ذلك نحو: لا سقيا ولا رعيا كأنك قلت: لا سقاه الله ولا رعاه,
١ من شواهد سيبويه ١/ ٣٥٤ على تكرار "لا" مع رفع اسمها ولو نصب على إعمالها لجاز والرفع أكثر لأنها جواب لمن قال: ألك في ذا ناقة أو جمل. فقيل له: لا ناقة لي في هذا ولا جمل، فجرى ما بعدها في الجواب مجراه في السؤال.
يقول: ما عمل على فراقها حتى تبرأت منه وجفته وأعلنت بذلك، وضرب قوله: لا ناقة لي في هذا ولا جمل مثلا لبراءتها منه وقطعها له. وهذا مثل سائر في هذا المعنى. والبيت للراعي النميري.
وانظر: مجالس ثعلب/ ٣٥، وروايته: وما هجرتك.. والموجز لابن السراج/ ٥٤، وابن يعيش ٢/ ١١، والعيني ٤/ ٤٧٧.
٢ الصافات: ٤٧.