مسائل من باب "لا":
تقول: لا غلامين ولا جاريتي لك, إذا جعلت الآخر مضافًا ولم تجعله خبرًا له. وصار الأول مضمرًا له كأنك قلت: لا غلامين في ملكك ولا جاريتي لك, كأنك قلت: ولا جاريتك في التمثيل.
قال سيبويه: ولكنهم لا يتكلمون به -يعني بالمضمر- واختص "لا" بهذا النفي, وإن شئت قلت: لا غلامين ولا جاريتين لك, إذا جعلت "لك" خبرًا لهما وهو قول أبي عمرو. وكذلك لو قلت: لا غلامين لك, وجعلت "لك" خبرًا.
فإذا قلت: لا أبالك, فههنا إضمار مكان ولكنه يترك استخفافًا واستغناء. وتقول: لا غلامين ولا جاريتين لك, وغلامين وجاريتين لك, كأنك قلت: لا غلامين ولا جاريتين في مكان كذا وكذا. فجاء "بلك" بعدما بني على الكلام الأول في مكان كذا وكذا, كما قال: لا يدين بها لك١ / ٤٦٩ حين صيره كأنه جاء "بلك" بعدما قال: لا يدين بها في الدنيا لك, وقبيح أن تفصل بين الجار والمجرور فتقول: لا أخا هذين اليومين لك قال سيبويه: وهذا يجوز في ضرورة الشعر لأن الشاعر إذا اضطر, فصل بين المضاف والمضاف إليه. قال الشاعر٢:
١ انظر: الكتاب ١/ ٣٤٧-٣٤٨ هذا الكلام بالتفصيل.
٢ من شواهد الكتاب ١/ ٩٢ و١/ ٣٤٧، على المفصل بين المضاف والمضاف إليه للضرورة، والأصل: كأن أصوات أواخر الميسِ.
ولإيغال الابتعاد، يقال: أوغل في الأرض: إذا أبعد فيها. أوغل في الأمر إذا دخل فيه بسرعة. والضمير للإبل في بيت قبله.
والآواخر: جمع آخرة، بوزن: فاعلة، وهي آخر الرحل. وهي العود الذي في آخر الرحل الذي يستند إليه الراكب ويقال فيه مؤخر الرحل. وقيل: يجوز فتح الخاء فيه أيضا. والميس بفتح الميم: شجر يتخذ منه الرحال والأقتاب، وإضافة أواخر إليه، كإضافة خاتم فضة.
والفراريج: جمع فروجة: وهي صغار الدجاج، يريد أن رحالهم جدد وقد طال سيرهم، فبعض الرحل يحك بعضا فتصوت مثل أصوات الفراريج من شدة السير واضطراب الرحل، ومن إيغالهن: من هنا للتعليل. والشاعر هو ذو الرمة.
وانظر: المقتضب ٤/ ٣٧٦، وشرح السيرافي ١/ ٢٤٦، والموشح/ ١٨٥، والخصائص ٢/ ٣٠٤، والإنصاف/ ٤٣٣. وابن يعيش ١/ ٣٠١، و٢/ ١٠٨، وشرح الحماسة ٣/ ١٠٨٣، والخزانة ٢/ ٢٥٠، وشروح سقط الزند ٤/ ١٥٧٣، والديوان/ ٧٦.