فالوجه الأول: هو الذي قد ذكرت من دخولها على الاسم الظاهر النكرة١ وعملها فيه وفي صفته الجر.
والوجه الثاني: دخولها على المضمر على شريطة التفسير, فإذا أدخلوها على المضمر نصبوا الاسم الذي يذكرونه للتفسير بعد المضمر, فيقولون: رُبَّه رجلًا, والمضمر ههنا كالمضمر في "نعم" إذا قلت: نعم رجلًا/ ٤٩٦ زيد, إلا أن المضمر في "نعم" مرفوع لأنه ضمير الفاعل وهو مع رُبَّ مجرور, وإنما جاز في رُبّ وهي لا تدخل إلا على نكرة من أجل أن المعنى تؤول إلى نكرة, وليس هو ضمير مذكور, وحق الإِضمار أن يكون بعد مذكور ولكنهم ربما خصوا أشياء بأن يضمروا فيها على شريطة التفسير وليس ذلك بمطرد في كل الكلام, وإنما يخصون به بعضه فإذا فعلت ذلك نصبت ما بعد الهاء على التفسير فقلت: ربُه رجلًا وهذه الهاء على لفظ واحد وإن وليها المذكر أو المؤنث أو الإثنان أو الجماعة موحدة على كل حال٢.
الوجه الثالث: أن تصلها فتستأنف ما بعدها وتكفها عن العمل فتقول: ربما قام زيد وربما قعد, وربما زيد قام, وربما فعلت كذا٣, ولما كانت رب إنما تأتي لما مضى فكذلك ربما لما وقع بعدها الفعل/ ٤٩٧ كان حقه أن يكون ماضيًا, فإذا رأيت الفعل المضارع بعدها فثم إضمار كان, قالوا: في قوله: {رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ} ٤, أنه لصدق
١ هذا ما نص عليه سيبويه وابن السراج، ولكن بعضهم أجاز جرها لما فيه الألف واللام في الشعر كقول الشاعر: ربما الجامل المؤبل فيهم.
بخفض "الجامل"، وصفته، وانظر: الكتاب ١/ ٢٧٠، وشرح الرماني ٢/ ١٤٤.
٢ حكي عن الكوفيين: مطابقة الضمير لمميزه، فيقولون: ربها امرأة، وربهما امرأتين ورجلين، وربهم رجالا وربهن نساء. وانظر: تسهيل الفوائد/ ٢١٢.
٣ إذا كفت "رب" بما عن العمل صارت كحرف الابتداء، يقع ما بعدها الجملة والفعل.
٤ الحجر: ٢.