وتدخل رُب على مثلكَ وشبهكَ إذ كانتا لم تتصرفا بالإِضافة وهما نكرتان في المعنى. وتقول: رب رجل تختصم وامرأة وزيد, ولا يجوز الخفض لأنه لا يتم إلا باثنين, فإن قلتَ: رب/ ٥٠٠ رجلين مختصين وامرأتين جازَ لكَ الخفض والرفع, فتقول: وامرأتان وامرأتين, أما الخفض: فبالعطفِ على "رجلين" والرفع: بالعطف على ما في مختصمين, ولو قلت: رُبَّ رجلين مختصمين هما وامرأتان فأكدت, ثم عطفتَ لكان أجود حكي عن بعضهم: أنه يقول: إذا جاءَ فعل يعني بالفعلِ اسمَ الفاعل بعد النعتِ رفعَ نحو قولك: رب رجل ظريف قائم, والكلام الخفض, وزعم الفراء: أنهم توهموا "كم" إذ كانوا يقولون: كم رجلًا قائمٌ. وتقول: رب ضاربكَ قد رأيت, ورب شاتمك لقد لقيت؛ لأن التنوين في تَينكَ يريد ضارب لكَ وإن قلت: ضاربكَ أمس لم يجز لأنه معرفة. والأخفش يعترض بالأيمان فيقول: رُبَّ -وَالله- رجل قد رأيت, ورُبَّ/ ٥٠١ رجل قد رأيت, وهذا لا يجوزُ عندنا لأنّ حروف الجر لا يفصل بينَها وبينَ ما عملت فيهِ١ وسائر النحويين يخالفونَه.
وحكى الكوفيون: ربه رجلًا قد رأيت وربهما رجلين وربهم رجالًا, وربه رجالًا, وربهن نساء وربَه نساء٢ مَنْ وحَد. فلأنه كناية عن مجهول ومَن لم يوحد فلأنه رد كلام كأنه قال: له ما لك جوار؟ فقال: ربهن جوار قد ملكت.
وكان الكسائي يجيز: رب مَنْ قائم على أنَّهَ استفهام ويخفض "قائمًا" والفراء يأباه؛ لأن كل موضع لم تقعه المعرفة لم يستفهم بمن فيه.
والضرب الثاني: من حروف الجر وهو ما كان غير ملازم للجر. وذلك
١ يرى سيبويه أن الفصل بين الجار والمجرور أمر قبيح، لأنهما بمنزلة كلمة واحدة، وانظر: الكتاب ١/ ٢٩٥.
٢ انظر: التسهيل لابن مالك/ ٥٢.