حسبكَ من رجلٍ، وبرجلين أحسباك من رجلينِ, وبرجال أحسبوكَ, وتقول: مررت برجلين ملازماهما رجلانِ أمسِ كما تقول: برجلين عبداهما رجلانِ ومررت برجل ملازموهُ رجالٌ أمسِ؛ لأن ملازمه هذا اسم مبتدأ، لأنه بمنزلة غلام إذا كان لما مضى وقد بينا ذا فيما تقدم فإذا كان اسمًا صار مبتدأً ولا بدّ من أن يكون مساويًا للخبر في عدته كما تقول: الزيدانِ قائمانِ وغلاماك منطلقانِ وتقول: مررت برجلٍ حسبكَ ومررت بعبد الله حسبكَ فيكون حالًا فإذا قلت: حسبك يلزمكَ فحسبك, مرتفع بالابتداء والخبر محذوف, وهذا قول الأخفش وغيره من النحويين.
وقال أبو العباس, رحمه الله: الخبر محذوف لعلتين: إحداهما: أنك لا تقول "حسبَك" إلا بعد شيء قد قاله أو فعله، ومعناه: يكفيك أي: ما فعلت وتقديره: كافيكَ لأن حسبكَ اسم, فقد استغنيت عن الخبر بما شاهدت مما فعل قال: وكذلك أخوات حسبك نحو "هدكَ". والوجه الآخر: في الاقتصار على حسبٍ بغير خبرٍ, إن معنى الأمر لما دخلها استغنت عن ذلك كما تستغني أفعال الأمر تقول: حسبُكَ ينم الناسُ كما تقول: اكففْ ينم الناسُ وكذلك "قدكَ" و"قطكَ" لأن معناهما حسبك إلا أن حسبك معربة, وهاتان مبنيتان على السكون يعني: قَدْ وقَطْ، وتقول: حسبكَ درهمانِ فأنت تجريه مجرى يكفيك درهمانِ وتقول: إن حسبك درهمانِ.
قال الأخفش: إذا تكلمت "بحسب" وحدها -يعني إذا لم تضفها- جعلتها أمرًا وحركت آخرها لسكون السين، تقول: رأيت زيدًا حسب يا فتى، غير منون، كأنك قلت: حسبي أو حسبكَ فأضمر هذا فلذلك لم ينون لأنه أراد الإِضافة. وقال: تقول: حسبُكَ وعبد اللهِ١ درهمان، على
١ على أن عبد الله مفعول معه أو مفعول به بإضمار "يحسب" وهو الصحيح؛ لأنه لا يعمل في المفعول معه إلا ما كان من جنس ما يعمل في المفعول به، وجواز جره قيل: بالعطف، وقيل: بإضمار "حسب" أخرى وهو الصواب، ورفعه بتقدير حسب، فحذفت وخلفها المضاف إليه، وانظر المغني/ ٦١٩-٦٢٠ تحقيق مازن المبارك.