والعدل عن الألف واللام، فإن أردت سحرًا من الأسحار صرفته وإن ذكرته بالألف واللام أيضًا صرفته, فأما ما عُدِلَ للمؤنث فحقه عند أهل الحجاز١ البناء؛ لأنه عُدل مما لا ينصرف، فلم يكن بعد ترك الصرف إلا البناء. ويجيء على "فَعالِ" مكسور اللام نحو حَذامِ وقَطامِ، وكذلك في النداء نحو: يا فساقِ ويا غَدارِ، ويا لكاعِ ويا خباثِ فهذا اسم الخبيث واللكعاء والفاسقة, وفَعالِ في المؤنث نظيرُ فُعَلٍ في المذكر, وقد جاء هذا البناء اسمًا للمصدر فقالوا: فَجارِ يريدونَ: فَجرةَ وبَدادِ يريدون: بددًا ولا مَساسِ يريدون: المسَّ ويجيء اسمًا للفعل نحو: مَناعَها أي: امنَعْهَا, وحَذارِ اسم احذر, ومما عُدل عن الأربعة: قَرْقَارِ يريدون: قَرقِرْ وعرعَارِ، وهي لعبة ونظيرها من الثلاثة: خراجِ أي اخرجوا وهي لعبة أيضًا, وجميع ما ذكر إذا سمي به امرأة فبنو تميم ترفعه وتنصبه وتجريه مجرى اسمٍ لا ينصرفُ٢، فأما ما كان آخره راء فإن بني تميم وأهل الحجاز يتفقون على الحجازية٣، وذلك: سَفارِ، وهو اسم ماءٍ وحضارِ اسم كوكبٍ، قال سيبويه: يجوزُ الرفع والنصب، قال الأعشى:
ومَرَّ دهرٌ عَلى وبَارِ ... فهَلكتْ جَهْرَةً وَبارُ٤
١ انظر الكتاب ٢/ ٤٠, قال سيبويه: "وأما أهل الحجاز فلما رأوه اسمًا لمؤنث، ورأوا ذلك البناء على حاله لم يغيروه؛ لأن البناء واحد وهو ههنا اسم للمؤنث".
٢ انظر الكتاب ٢/ ٤٠.
٣ انظر الكتاب ٢/ ٤١, والمقتضب ٣/ ٣٧٥.
٤ من شواهد سيبويه ٢/ ٤١ على إعراب "وبار ورفعها والمطرد فيما كان في آخره الراء أن يبنى على الكسر في لغة أهل الحجاز ولغة بني تميم؛ لأن كسرة الراء توجب إمالة الألف ... وأعرب في لغة بني تميم فاضطر الأعشى فرفع لأن القوافي مرفوعة".
ووبار: اسم أمة قديمة من العرب العاربة هلكت، وانقطعت كهلاك عاد وثمود، وقال السهيلي: وبار: أمة هلكت في الرمل ... وقال ابن الشجري: وبار: اسم إقليم تسكنه الجن مسخ أهله، وقيل: وبار موضع.
وانظر: المقتضب ٣/ ٣٧٦, وأمالي ابن الشجري ٢/ ١١٥، وابن يعيش ٤/ ٦٥ ومعجم البلدان ٥/ ٣٥٦, والعيني ٤/ ٣٥٩, والمخصص لابن سيده ١٧/ ٦٧، وجمهرة أنساب العرب/ ٤٦٢, والروض الأنف ١/ ١٤, وديوان الأعشى/ ٢٨١, والرواية فيه: ومرحد.