أردت جمع التكسير فهو غير مصروف؛ لأن التقدير حمار, وكذلك في جبنة جبّان يا هذا, وإن سميت رجلًا بأفضل وأعلم بغير منك, لم تصرفه في المعرفة وصرفته في النكرة, فإن سميته بأفعل منك كله, لم تصرفه على حال، لأنك تحتاج إلى أن تحكي ما كان عليه، وإذا سميت بأجمع وأكتع لم تصرفه في المعرفة وصرفته في النكرة، وهما قبل التسمية إذا كانا تأكيدًا لا ينصرفان؛ لأنهما يوصف بهما المعرفة.
فأما أسماء الأحياء, فمعد وقريش وثقيف وكل شيء لا يجوز لك أن تقول فيه من بني فلان، وإذا قالوا: هذه ثقيف، فإنما أرادوا جماعة ثقيفٍ١. وقد يكون تميم اسمًا للحي، فإن جعلت قريش وأخواتها أسماء للقبائل جاز, وتقولُ: هؤلاء ثقيف بن قسي, فتجعله اسم الحي, وابن صفة, فما جعلته اسمًا للقبيلة لم تصرفه وأما مجوس ويهود فلم تقعا إلا اسمًا للقبيلة, ولو سميت رجلًا بمجوس لم تصرفه, وأما قولهم: اليهود والمجوس٢، فإنما أرادوا المجوسيين واليهوديين ولكنهم حذفوا ياءي الإِضافة كما قالوا: زنجي وزنجٌ ونصارى نكرة, وهو جمع نصران ونصرانةٍ, كندمان وندامى, ولكن لم يستعمل نصران إلا بياء النسب.
وقال أبو العباس: إذا سميت رجلًا بنساء, صرفته في المعرفة والنكرة؛ لأن نساء اسم للجماعة وليس لها تأنيث لفظًا, وإنما تأنيثها من جهة الجماعة, فهي بمنزلة قولك كلاب إذا قلت: بني كلاب؛ لأن تأنيث كلاب إنما هو تأنيث جماعة وإنما أنثت كل جماعة كانت لغير الآدميين؛ لأنهم قد نقصوا عن الآدميين فالحيوان الذي لا يعقل والموات متفقان في جمع التكسير, وإنما خص من يعقل بجمع السلامة؛ لأن له أسماء أعلاما يعرف
١ انظر الكتاب ٢/ ٢٦، والمقتضب ٣/ ٣٦١.
٢ في سيبويه ٢/ ٢٩، وأما قولهم: اليهود والمجوس، فإنما أدخلوهما الألف واللام ههنا كما أدخلوهما في المجوس واليهودي، لأنهم أرادوا اليهوديين والمجوسيين, ولكنهم حذفوا ياءي الإضافة.