عجبت من ضربكني، إذا بدأت بالمخاطب قبل المتكلم، ولا من ضربهيك إذا بدأت بالبعيد قبل القريب, وقالوا: عجبت من ضريبك وضربكه, ولو كان هذا موضعًا يصلح فيه المتصل لجاز فيه جميع هذا, ألا ترى أنك تقول: ضَريبكَ إذا جئت بالفعل ضربته, وموضع ضربكه ضربته, وكان الذين قالوا: ضريبه قالوا ذلك اختصارًا لأن المصدر اسم, فإذا أضفته إلى مضمر فحقه إن عديته لمعنى الفعل أن تعديه إلى ظاهر أو ما أشبه الظاهر من المضمر المتصل، وكان حق المضمر المتصل أن لا يصلح أن يقع موقع المنفصل, والأصل في هذا: عجبتُ من ضربي إياك, كما تقول: من ضربي زيدًا ومن ضربك إياه, كما تقول: من ضربك عمرًا, والكسائي يصل جميع المؤنث فيقول: أعطيتهنه والضارباناه؛ لأنه لم يتفق حرفان ولا أعلم بين الواحد والجمع فرقًا, ومن ذلك قولهم: كان إياه لأن "كانَهُ" قليلة ولا تقول: كانني وليسني١، ولا كانَكَ؛ لأن موضعه موضع ابتداء وخبر، فالمنفصل أحق به، قال الشاعر:
لَيْتَ هَذَا اللَّيْلَ شَهْرٌ ... لا نَرى فيهِ عَريبا٢
لَيس إيايَ وإيَا ... كَ ولا نخشَى رَقيبا
١ قال سيبويه ١/ ٣٨١: وبلغني عن بعض العرب الموثوق بهم يقولون: ليسني وكأنني.
٢ من شواهد سيبويه ١/ ٣٨١، على إتيانه بالضمير بعد ليس منفصلًا لوقوعه موقع خبرها، والخبر منفصل من المخبر عنه، فكان الاختيار فصل الضمير إذا وقع موقعه، واتصاله بليس جائز؛ لأنها فعل وإن لم تقو قوة الفعل الصحيح.... ويجوز في شهر الرفع والنصب.. والنصب على لغة من ينصب الجزأين أو على تقدير أن الخبر محذوف. نرى: من رؤية العين وعريب من الألفاظ الملازمة للنفي, ونسب الأعلم الشعر إلى عمر بن أبي ربيعة، ونسبه صاحب الأغاني إلى العرجي. وقد ذكر البيتان في قصيدة لعمر بن أبي ربيعة في ديوانه ٤٣٠ وما بعدها، كما ذكرت القصيدة في ديوان العرجي ٦١ وما بعدها مع خلاف في الترتيب, وفي بعض الألفاظ. ورواية البيت الثاني في ديوان العرجي كذا:
غير أسماء وجمل ... ثم لا نخشى رقيبا
وانظر المقتضب ٣/ ٩٨, وابن يعيش ٣/ ٧٥, وشرح الرماني ٣/ ٦٥, وشرح السيرافي ٣/ ١٣٦, والخزانة ٢/ ٤٢٤, ولسان العرب مادة "ليس".