على هذا أعطاه إياك، وهو أحسن من أعطاهوكَ، فإذا ذكرت مفعولين كلاهما غائب قلت: لمعطاهوه, وليس بالكثير في كلامهم, والأكثر المعطاه إياه١، والمنفصل بمنزلة الظاهر، فأما المفعولان في ظننت وأخواتها، فأصلها الابتداء الخبر, كما جاء في "كان" فالأحسن أن نقول: ظننتك إياه، كما تقول: كان إياهُ وكنت إياهُ.
واعلم: أنه لا يجوز أن يجتمع ضمير الفاعل والمفعول إذا كان المفعول هو الفاعل في الأفعال المتعدية والمؤثرة, لا يجوز أن تقول: ضربتني ولا أضربك إذا أمرت, فإن أردت هذا قلت: ضربت نفسي واضرب نفسك, وكذلك الغائب لا يجوز أن تقول: ضربه إذا أردت ضرب نفسه, ويجوز في باب ظننت وحسبت, أن يتعدى المضمر إلى المضمر, ولا يجوز أن يتعدى المضمر إلى الظاهر, تقول: ظننتني قائمًا وخلتني منطلقًا؛ لأنها أفعال غير مؤثرة, ولا نافذة منك إلى غيرك, فتقول على هذا: زيد ظنه منطلقًا، فتعدى فعل المضمر في ظن إلى الهاء, ولا يجوز زيدًا ظن منطلقًا, فتعدى فعل المضمر الذي في ظن إلى زيدٍ فتكون قد عديت في هذا الباب فعل المضمر إلى الظاهر، وإنما حقه أن يتعدى فعل المضمر إلى المضمر, وتكون أيضًا قد جعلت المفعول الذي هو فضلة في الكلام لا بد منه, وإلا بطل الكلامُ, فهذه جميع علامات المضمر المرفوع والمنصوب قد بينتها في المنفصل والمتصل, وقد خبرتك أن المجرور لا علامة له منفصلة, وأن علامته في الاتصال كعلامة المنصوب, لا فرق بينها في الكاف والهاء تقول: رأيتك كما تقول: مررت بك, وتقول: ضربته كما تقول: مررت به, فهذا مطرد لا زيادة فيه, فإذا جاءوا إلى الياء التي هي ضمير المتكلم زادوا في الفعل نونا قبل الياء؛ لئلا يكسروا لام الفعل, والفعل لا جرّ فيه فقالوا: ضربني فسلمت الفتحة بالنون، ووقع الكسر على النون، وكذلك: يضربني، فإذا جاءوا بالاسم لم يحتاجوا إلى النون فقالوا: الضاربي في النصب واستحسنوا
١ انظر الكتاب ١/ ٣٨٤.