قبلها حرف متحرك إلا مكسورًا، وهي مفارقة لأخواتها في هذا, ألا ترى أنك تقول: هذا غلامُه فتصرف, فإذا أضفت غلامًا إلى نفسك قلت: هذا غلامي, فذهب الإِعراب وإنما فعلوا ذلك؛ لأن الضم قبلها لا يصلح، فلما غير لها الرفع وهو أول غير لها النصب إذا كان ثانيًا وألزمت حالًا واحدًا, فقلت: رأيت غلامي.
واعلم: أن الذي حكي من قولهم: لولاي, ولولا شيء شذ عن القياس كان عند شيخنا١ يجري مجرى الغلط, والكلام الفصيح ما جاء به القرآن: لولا أنت, كما قال عز وجل: {لَوْلا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ} ٢، والذين قالوا: لولاك ولولاي قالوا: لأنها أسماء مبنية يؤكد المرفوع منها المخفوض, فكأنهم إنما يقتصرون العبارة عن المتكلم والمخاطب والغائب لا بأي لفظ كان؛ لأنه غير ملبس, ولكنهم لا يجعلون غائبًا مكان مخاطب, لا يقولون: لولاه مكان لولاك, فأما قولهم: عساك فالكاف منصوبة؛ لأنك تقول: عساني، فعساك مثل رماك، وعساني مثل رماني.
واعلم: أن علامة الإِضمار قد ترد أشياء إلى أصولها, فمن ذلك قولك: لعبد الله مال ثم تقول: لك, وله إنما كسرت مع الظاهر في قولك: لزيدٍ مالٌ كيلا يلتبس بلام الابتداء, إذا قلت: لهذا أفضل منك ألا تراهم قالوا: يا لبَكر حين أمنوا الالتباس فمن ذلك: أعطيتكموه في قول من قال: أعطيتكم ذاك فأسكن ردوه بالإِضمار إلى أصله، كما ردوا بالألف واللام حين قالوا: أعطيتموا اليوم فكان الذين وقفوا بإسكان الميم كرهوا الوقف على الواو،
١ أي أبو العباس المبرد؛ لأن المبرد يرى أنه لا يصلح إلا أن تقول: ولولا أنت كما قال الله تعالى: {لَوْلا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ} . قال: ومن خالفنا يزعم أن الذي قلناه أجود، ويدعي الوجه الآخر فيجيزه على بعد، فهو ينكر الشواهد التي استدل بها سيبويه ومن سار على نهجه وكذلك ينكر مذهب الأخفش ويرده. انظر: الكامل ٦٥٠ طبعة ليبك.
٢ سبأ: ٣١.