لا يستغني بعضهما عن بعض, وحق المبتدأ أن يكون معرفة أو ما قارب المعرفة من النكرات الموصوفة خاصة, فأما المعرفة فنحو قولك: عبد الله أخوك, وزيد قائم, وأما ما قارب المعرفة من النكرات فنحو قولك: رجل من تميم جاءني, وخير منك لقيني. وصاحب لزيد جاءني. وإنما امتنع الابتداء بالنكرة المفردة المحضة لأنه لا فائدة فيه, وما لا فائدة فيه فلا معنى للتكلم به, ألا ترى أنك لو قلت: رجل قائم أو رجل عالم, لم يكن في هذا الكلام فائدة لأنه لا يستنكر أن يكون في الناس رجل قائمًا أو عالمًا, فإذا قلت: رجل من بني فلان أو رجل من إخوانك أو وصفته بأي صفة كانت تقربه من معرفتك حسن لما في ذلك من الفائدة, ولا يكون المبتدأ نكرة مفردة إلا في النفي خاصة, فإن الابتداء فيه بالنكرة حسن بحصول الفائدة بها, كقولك: ما أحد في الدار, وما في البيت رجل ونحو ذلك, في لغة بني تميم خاصة: وما أحد حاضر, وإنما يراعى في هذا الباب وغيره الفائدة فمتى ظفرت بها في المبتدأ وخبره فالكلام/ ٣١ جائز, وما لم يفد فلا معنى له في كلام غيرهم.
وقد يجوز أن تقول: رجل قائم إذا سألك سائل فقال: أرجل قائم أم امرأة. فتجيبه فتقول: رجل قائم, وجملة هذا أنه١ إنما ينظر إلى ما فيه٢ فائدة, فمتى كانت٣ فائدة بوجه من الوجوه فهو جائز وإلا فلا فإذا اجتمع اسمان معرفة ونكرة, فحق المعرفة أن تكون٤ هي المبتدأ وأن تكون النكرة الخبر لأنك إذا ابتدأت فإنما قصدُك تنبيه السامع بذكر الاسم الذي تحدثه عنه ليتوقع الخبر بعده, فالخبر هو الذي ينكره ولا يعرفه ويستفيده, والاسم لا فائدة له لمعرفته به, وإنما ذكرته لتسند إليه الخبر, وقد يجوز أن تقدم الخبر على المبتدأ ما لم يكن فعلًا خاصة, فتقول: منطلق زيد, وأنت تريد: زيد
١ أنه: ساقطة في "ب".
٢ فيه: ساقطة في "ب".
٣ كانت: ساقطة في "ب".
٤ في الأصل "هو" فقد يكون أراد: فحق الاسم المعرفة أن يكون هو المبتدأ.