التي أنت فيها في وقت كلامك، فلا تعمل "إذن" لأنه موضع لا تعمل١ فيه أخواتها، فإذا وقعت "إذن" بين الفاء والواو, وبين الفعل المستقبل فإنك فيها بالخيار: إن شئتَ أعملتها كإعمالك أرى وحسبت, إذا كانت واحدةٌ منهما بين اسمين, وإن شئت ألغيت فأما الإِعمال فقولك: فإذنْ آتيكَ، فإذنْ أكرمَكَ قال سيبويه: وبلغنا أن هذا الحرف في بعض المصاحف: {وَإِذًا لا يَلْبَثُونَ خِلافَكَ إِلَّا قَلِيلًا} ٢ وأما الإِلغاء فقولك: فإذن أجيئُكَ، وقال عز وجل: {فَإِذًا لا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيرًا} ٣.
واعلم: أنه لا يجوز أن تفصل بين الفعل وبين ما ينصبه بسوى إذن، وهي تُلغى وتقدم وتؤخر، تقول: إذنْ والله أجيئكَ فتفصل, والإِلغاء قد عرفتك إياهُ وتقول: أنا أفعلُ كذا إذنْ, فتؤخرها وهي ملغاة أيضًا، وإذا قلت: إذنْ عبدُ الله يقولُ ذلكَ، فالرفع لا غير لأنه قد وليها المبتدأ، فصارت بمنزلة "هَلْ" وزعم عيسى: أن ناسًا يقولون: إذن أفعلُ في الجواب٤.
الثاني: ما انتصب بحرف يجوز إظهاره وإضماره.
وهذا يقع على ضربين: أحدهما أن تعطف بالفعل على الاسم، والآخر أن تدخل لامَ الجر على الفعل، فأما الضرب الأول من هذا وهو أن تعطف الفعل على المصدر فنحو قولك: يعجبني ضربُ زيدٍ وتغضبَ, تريد: وأنْ
١ في الأصل "فيها".
٢ الإسراء: ٧٦ وقراءة "ولا يلبثوا" بحذف النون شاذة. انظر شواذ ابن خالويه ٧٧. وأما قراءة "خلفك" فهي قراءة نافع وابن كثير وأبي عمرو وأبي بكر، وقرأ الباقون {خِلافَكَ} بالألف انظر "حجة القراءات" ص٤٠٨ لزنجلة.
٣ النساء: ٥٣. وقد قرئ بنصب المضارع في الشواذ, فإذن لا يأتوا الناس. وانظر البحر المحيط ٣/ ٦٧٣, وشواذ ابن خالويه ٧٧.
٤ انظر الكتاب ١/ ٤١٢.