وزيد قائم, وضرب يحذف منه الخبر, ويقوم مقامه ظرف له وذلك الظرف على ضربين: إما أن يكون من ظروف المكان, وإما أن يكون من ظروف الزمان. أما الظروف من المكان فنحو قولك: زيد خلفك, وعمرو في الدار. والمحذوف معنى الاستقرار والحلول وما أشبههما, كأنك قلت: زيد مستقر خلفك, وعمرو مستقر في الدار, ولكن هذا المحذوف لا يظهر لدلالة الظرف عليه واستغنائهم به في الاستعمال. وأما الظرف من الزمان فنحو قولك: القتال يوم الجمعة, والشخوص يوم الخميس, كأنك قلت: القتال مستقر يوم الجمعة أو وقع في يوم الجمعة, والشخوص واقع في يوم الخميس فتحذف الخبر وتقيم الظرف مقام المحذوف, فإن لم ترد هذا المعنى. فالكلام محال؛ لأن زيدًا الذي هو المبتدأ ليس من قولك: "خلفك" ولا في الدار شيء؛ لأن في الدار ليس بحديث وكذلك خلفك وإنما هو موضع الخبر. واعلم/ ٣٧: أنه لا يجوز أن تقول: زيد يوم الخميس, ولا عمرو في شهر كذا, لأن ظروف الزمان لا تتضمن الجثث, وإنما يجوز ذلك في الأحداث, نحو الضرب والحمد, وما أشبه ذلك, وعلة ذلك أنك لو قلت: زيد اليوم, لم تكن فيه فائدة, لأنه لا يخلو أحد من أهل عصرك١ من اليوم, إذ كان الزمان لا يتضمن واحدًا دون الآخر, والأماكن ينتقل عنها فيجوز أن تكون خبرًا عن الجثث وغيرها كذلك. والظرف من الأماكن تكون إخبارًا عن المعاني التي ليست بجثث -يعني المصادر- نحو قولك: البيع في النهار, والضرب عندك, فإن قال قائل فأنت قد تقول: الليلة الهلال, والهلال جثة, فمن أين جاز هذا؟ فالجواب في ذلك٢: أنك إنما أردت: الليلة حدوث الهلال, لأنك إنما تقول ذلك عند توقع طلوعه, ألا ترى أنك لا تقول: الشمس اليوم, ولا القمر الليلة؛ لأنه غير متوقع, وكذلك إن قلت: اليوم زيد, وأنت تريد هذا
١ في "ب" عصره.
٢ ذلك: ساقط في "ب".