إنْ تقمْ وإن تحسنْ آتكَ، وهذا النصب يسميهِ الكوفيونَ الصرف١؛ لأنَّهم صرفوه على النسقِ إلى معنى غيره، وكذلك في الجواب تقول: إنْ تقمْ آتِكَ وأحسنَ إليك، وإنْ تقم آتك فأحسنَ إليكَ, وإذا قلتَ: أَقومُ إن تقمْ, فنسقت بفعل عليها فإن كان من شكل الأول رفعته, وإن كان من شكل الثاني ففيه ثلاثة أوجه: الجزم على النسقِ على "إنْ" والنصب على الصرف والرفع على الاستئناف, فأمَّا ما شاكلَ الأول فقولك: تُحمدُ إنْ تأمرْ بالمعروفِ وتؤجر لأنه من شكل تُحمدُ, فهذا الرفع فيه لا غير, وأما ما يكون للثاني فقولُك: تُحمد إنْ تأمر بالمعروفِ وتنهَ عن المنكرِ فيكون فيه ثلاثة أوجهِ: فإنْ نَسقت بفعلٍ يصلح للأول ففيه أربعة أوجهٍ: الرفع من جهتين نسقًا على الأول وعلى الاستئنافِ, والجزمُ, والنصبُ على الصرفِ, وقال قوم: يردُ بعد الجزاءِ فَعلَ على يفعلُ ويفعلُ على فَعَلَ نحو قولك: آتيكَ إنْ تأتني وأحسنتَ, وإنْ أحسنتَ وتأتني، والوجهُ الاتفاقُ وإذا جئتَ بفعلينِ لا نسق معهما فلك أنْ تجعل الثاني حالًا أو بدلًا, والكوفيون يقولون موضع بدل مترجمًا أو تكريرًا, فإن كررتَ جزمتَ، وإنْ كانَ حالًا رفعتَهُ وهو موضعُ نصبٍ إذا ردَّ إلى اسم الفاعلِ نصب، فأما الحال فقولك: إنْ تأتني تطلب ما عندي أحسنُ إليكَ, تريد: طالبًا, والتكرير مثل قولك: إنْ تأتني تأتني تريدُ الخيرَ أعطكَ, والبدل مثل قوله: {وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا} ٢ ثم فسر فقال: {يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ} ٣، وكذلك إنْ تَبْرر أباكَ تصل رحمك،
١ عامل الخلاف أو الصرف كما يسميه الكوفيون, فقد جعله الفراء وبعض الكوفيين عاملًا للنصب في المضارع بعد أو والفاء والواو، من حروف العطف في جواب الأمر والنهي والنفي والاستفهام والتمني والعرض، أي: مخالفة الثاني للأول. قال الفراء: فإن قلت: ما الصرف؟ قلت: أن تأتي بالواو معطوفة على كلام في أوله حادثة لا تستقيم إعادتها على ما عطف عليها, فإذا كان كذلك فهو الصرف. وانظر معاني القرآن ١/ ٣٣.
٢ الفرقان: ٦٨.
٣ الفرقان: ٦٩.