وإياك والأسدَ وإياك الشرَّ, كأنه قال: إيايَ لأتقينَّ وإياكَ فاتقينَّ, فصارت "إياكَ" بدلًا من اللفظ بالفعلِ، ومن ذلك: "رأسَهُ والحائطَ, وشأنك والحجَّ, وامرأً ونفسَهُ" فجميع هذا المعطوفِ إنما يكون بمنزلة "إياكَ" لا يظهر فيه الفعلُ ما دام معطوفًا, فإن أفردتَ جازَ الإِظهار والواو ههنا بمعنى "مَع". ومما جُعلَ بدلًا من الفعل: "الحذرَ الحذرَ, والنجاءَ النجاءَ, وضربًا ضربًا" انتصب على "الزم"١ ولكنهم حذفوا لأنه صار بمعنى "افعل" ودخولُ "الزم" على "افعلْ" محالٌ, وتقول: "إياكَ أنت نفسُكَ أنْ تفعلَ" ونفسك إنْ وصفتَ المضمر الفاعل رفعت وإنْ أضفتَ إياكَ نصبتَ وذلك ٢ لأنَّ "إياكَ" بدلٌ من فِعْلٍ وذلك الفعلُ لا بُدَّ لَهُ من ضمير الفاعل المأمور وإنْ وصفت "إياكَ" نصبتَ وتقول: "إياكَ أنتَ وزيدٌ, وزيدًا"٣ بحسب ما تقدر، ولا يجوز: "إياكَ زيدًا" بغير واوٍ، وكذلك: "إياكَ أن تفعلَ" إن أردتَ: "إياك والفعلَ" وإنْ٤ أردت: إياكَ أعِظُ مخافةَ أَنْ تفعلَ٥, جازَ. وزعموا أن ابن أبي إسحاق٦ أجازَ:
١ قال سيبويه ١/ ١٣٩: ومما جعل بدلًا من اللفظ بالفعل قولهم: الحذر الحذر, والنجاء النجاء، وضربًا ضربًا، فإنما انتصب هذا على: الزم الحذر وعليك النجاء, ولكنهم حذفوا لأنه صار بمنزلة أفعل، ودخول الزم وعليك على "أفعل" محال.
٢ زيادة من "ب".
٣ قال سيبويه ١/ ١٤٠: "فإن قلت: إياك أنت وزيد" فأنت بالخيار، إن شئت حملته على المنصوب, وإن شئت على المضمر المرفوع.
٤ في "ب" "فإن".
٥ لأنك تريد أن تضمه إلى الاسم الأول، كأنك قلت: نحِّ لمكان كذا وكذا.
٦ ابن أبي إسحاق: هو عبد الله بن أبي إسحاق الحضرمي، كان أعلم أهل البصرة وأعقلهم, هو الذي فرع النحو وقاسه، وتكلم في الهمز حتى عمل فيه كتابًا مما أملاه, وكان رئيس الناس وواحدهم، أخذ النحو عن يحيى بن يعمر، وأخذ القراءة عنه وعن نصر بن عاصم, مات سنة ١١٧هـ, وقال ابن تغري بردي: إنه توفي سنة ١٢٧هـ. وترجمته في طبقات الزبيدي/ ٧، وإنباه الرواة ٢/ ١٠٧، ومراتب النحويين/ ١٢، والنجوم الزاهرة ١/ ٣٠٣.