فإن أخبرت عن الفاعل في هذا الباب بالذي قلت: "الذي كانَ أخاكَ عبد اللهِ" ففي كانَ ضميرُ الذي وهو اسمُها, وأخاك خبرها وهي اسمُها وخبرها صلة "الذي" و"الذي" مبتدأٌ وعبد اللهِ خبرهُ, والذي أصبحَ أباكَ زيدٌ مثله.
فإن أخبرتَ بالألف واللامِ قلت: "الكائنُ أَخاكَ زيدٌ" وتقديرهُ تقديرُ: "الضاربِ أخاكَ زيدٌ" ولا خلافَ في الإِخبار عن اسم "كانَ" فأما خبرها ففيه اختلاف١، فمن الناس من يجيزُ الإِخبار عنه فيقول: الكائنهُ زيدٌ أَخوكَ, والمصبحهُ عمرو أخوكَ, وإن شئتَ جعلتَ المفعولَ منفصلًا فقلت: "الكائنُ زيدٌ إياهُ أَخوكَ" والمصبحُ زيدٌ إياهُ أَبوكَ, وقال قوم: إن الإِخبار عن المفعول في هذا الباب محالٌ؛ لأن معناهُ: "كانَ زيدٌ مِن أَمرهِ كذا وكذا" فكما لا يجوز أن تخبر عن "كانَ من أمرهِ كذا وكذا" كذلك لا يجوز أن تخبر عن المفعول إذا٢ كان في معناه, كذا حكى المازني جميع هذا. قال أبو بكر: والإِخبار عندي في هذا الباب عن المفعول قبيحٌ؛ لأنه ليس بمفعولٍ على الحقيقة وليس٣ إضمارهُ متصلًا إنما هو مجازٌ، وعلامات الإِضمارِ ههنا غيرُ محكمةٍ؛ لأنَّ الموضع الذي تقعُ فيه الهاءُ لا يجوز أن تقع "إياَّه" ذلك الموقع, فإجازتهم إيّاهُ "في" كانَ وأخواته دليلٌ على أن علامات الإِضمار لا تستحكم ههنا, قال الشاعر:
ليتَ هذَا اللَّيْلَ شَهْرًا٤ ... لا تَرى فيه عَريبا
لَيْسَ إيَّايَ وإيَّا ... كَ ولا نَخْشَى رَقِيبَا٥
فقال: "ليسَ" إيَّاي، ولم يقل: ليسني، فقد فارقَ باب "ضربني" وقد
١ انظر المقتضب ٣/ ٩٧، وشرح الكافية للرضي ٢/ ٤٤، والهمع ٢/ ١٤٧-١٤٨.
٢ في الأصل "إذ" والتصحيح من "ب".
٣ "ليس" ساقطة من "ب".
٤ في "ب" شهر بالرفع، وتجوز الروايتان.
٥ مر تفسيره ٢/ ٩٨ من هذا الجزء.