موصوفًا، وهو عندي غيرُ جائزٍ إلا أنْ تريد بالمصدر نوعًا من الفعل, فتقول على ذلك: "ضُرِبَ ضَرْبٌ" أي: نوعٌ من الضرب وفيه بعدٌ, وتقول: "ضربتُكَ ضربًا شديدًا" فإذا أخبرتَ عنهُ بالألف واللام قلت: "الضاربكَ١ أنا ضَرْبٌ شديدٌ" أي: "الذي ضربتكه ضربٌ شديدٌ" فإن ثنيتَ المصدر أو أفردتَ المرة فيه حَسُنَ الإِخبار؛ لأنك تقول: ضُرِبَ ضربتانِ, فتكونُ فيه فائدة لأن قولك: "ضُرِبَ" لا يفصح عن ضربتين وكذلك لو قلت: "ضُرِبَ ضربةٌ واحدةٌ" أو ضربةٌ ولم تذكر واحدةً, فإذا قلت: "ضُرِبَ بزيدٍ ضربٌ شديدٌ" قلت: "المضروبُ بزيدٍ ضَرْبٌ شديدٌ" و"المنفوخُ في الصور نفخٌ شديدٌ"٢, وإذا قلت: "شربتُ شربَ الإبلِ" قلت: "الشاربهُ أَنا شرب الإِبلِ" وإذا قلت: "تبسمتُ وميضَ البرقِ" قلت: المتبسمه أنا وميضُ البرقِ, وقد قال قومٌ: إنَّ وميضَ البرقِ ينتصبُ على "فعلٍ" غير "تبسمتُ"٣ كأنهم قالوا: "ومضتُ وميضَ البرقِ" فهؤلاءِ لا يجيزون الإِخبار عن٤ هذه الجهة، ومن نصب المصادر إذا كانت نكرةً على الحال لم يجز الإِخبار عنها, كما لا يجوز الإِخبار عن الحال, وإذا كانت المصادر وغيرها أيضًا٥ حالًا فيها الألف واللام لم يجز أن تخبر عنها نحو: أَرسلها العِراكَ, والقومُ فيها الجماءَ الغفيرَ, ورجعَ عودَهُ على بدئهِ, وما أشبه هذا مما جاء حالًا وهو معرفة, وكل ما شذَّ عن بابه فليس لنا أن نتصرفَ فيه ولا نتجاوز ما تكلموا به, وكل اسمٍ لا يكون إلا نكرةً فلا يجوز الإِخبار عنهُ, وقد ذكرنا هذا فيما تقدم, فقصة: رُبَّ رَجلٍ وأخيهِ, وكُلُّ شاةٍ وسخلتها, وما أشبه هذا مما جاء معطوفًا نكرةً فهو كالحالِ لا يجوز الإِخبارُ عنهُ, ولو أجزتهُ لوجبَ أن تكرر "رُبّ" فتقول: "الذي رُبّهُ"
١ في "ب" الضاربكه.
٢ قال المبرد في المقتضب ٣/ ١٠٤: "فإن أخبرت عن الصور قلت: المنفوخ فيه نفخة واحدة الصور، وإن أخبرت عن النفخة قلت: المنفوخة في الصور نفخة واحدة.
٣ انظر: ارتشاف الضرب/ ١٤٦, نقل هذه المسألة من أصول ابن السراج.
٤ "عن" ساقط في "ب".
٥ في "ب" وأيضًا بعد "حالًا".