كنت لم تنوِ أن يكون في "الضارب" مفعولٌ محذوفٌ, فإن كنت أردت أن يكون محذوفًا فإثباته أجودُ, قال: وإن قلت: إني١ إنما أحذفه كما أحذفه في الفعل فإن ذلك غير جائز؛ لأنكَ حين حذفته في الفعل لم تضمر, وأنت ها ٢ هنا تحذفه مضمرًا فحذفهما مختلف؛ فلذلك لم يكن مثله في الفعل, قال: والقياس عندي أن أقول: "الضاربُ أنا والضاربي زيدٌ" فأجعل "الضارب" مبتدأ وأجعل "أنا" خبره, فأجعل "الضاربي" مبتدأ وأجعل زيدًا خبره, وأجعله تفسيرًا لما وقع عليه "ضربتُ" كما كان تفسيرًا له مع الفعل, وأجعل الضارب الأول غير متعدٍّ كما كان الفعل الذي بنيته منه غير متعدٍّ, وأجعل "أنا" خبرًا له؛ لأن الفعل والفاعلَ نظيرهما من الأسماء المبتدأ والخبر لأنك إذا قلت: "ضرب زيدٌ" فلا بد لضرب من "زيدٍ" كما أنك إذا قلت: "زيدٌ منطلقٌ" فلا بد له من "منطلقٍ" أو ما أشبههُ, فجعلت الأول مبتدأً و"أنا" خبره, وعطفت عليه مبتدأ وخبره لتكون جملة عطفتَها على جملةٍ, كما كان الفعل والفاعل جملة عطفت عليها فعلًا وفاعلًا جملةً, قال: فهذا أشبه وأقيسُ مما قال النحويون.
قال أبو بكر: وهذا الباب عندي لا يجوز الإِخبار فيه من أجل أن ٣ هاتين الجملتين كجملة واحدة؛ لحاجة الأولى إلى ما يفسرها من الثانية, وإذا أدخلت الألف واللام فصلت, فإن أحوجت الضرورة إلى الإِخبار فهما بالألف واللام, فأَقيسُ المذهبين مذهب المازني ليكون الاسم محذوفًا ظاهرًا غير مضمرٍ, كما كان في الفعل. وقال الأخفش: من جوز الحذف في "ضربتُ وضربني زيدٌ" إذا أَدخلَ عليه الألف واللام, قال في
١ "إني" ساقط في "ب".
٢ زيادة من "ب".
٣ زيادة من "ب".