الفاعل معه أنه مفعول صحيح فحينئذ يجوز أن يقام مقام الفاعل إذا لم تذكر الفاعل. فأما الحال والتمييز, فلا يجوز أن يجعل واحد منهما في محل الفاعل, إذا قلت: سير بزيد قائمًا أو تصبب بدن عمرو عرقًا, لا يجوز أن تقيم "قائمًا وعرقًا" مقام الفاعل, لأنهما لا يكونان إلا نكرة, فالفاعل وما قام مقامه يضمر كما يظهر, والمضمر لا يكون إلا معرفة وكذلك المصدر الذي يكون علة لوقوع الشيء نحو: جئتك ابتغاء الخير لا يقوم مقام الفاعل ابتغاء الخير, لأن المعنى لابتغاء الخير, ومن أجل ابتغاء الخير/ ٦٥ فإن أقمته مقام الفاعل زال ذلك المعنى, وقد أجاز قوم في "كان زيد قائمًا" أن يردوه إلى ما لم يسم فاعله فيقولون: كين قائم.
قال أبو بكر: وهذا عندي لا يجوز من قبل أن "كان" فعل غير حقيقي, وإنما يدخل على المبتدأ والخبر, فالفاعل فيه غير فاعل في الحقيقة, والمفعول غير مفعول على الصحة فليس فيه مفعول, يقوم مقام الفاعل, لأنهما غير متغايرين إذ كان إلى شيء واحد١, لأن الثاني هو الأول في المعنى. وقد نطق بما لم يسم فاعله في أحرف ولم ينطق فيها بتسمية الفاعل, فقالوا: أنيخت الناقة, وقد وضع زيد في تجارته, ووكس٢, وأغرى به وأولع به, وما كان من نحو هذا مما أَخذ عنهم سماعًا وليس بباب يقاس عليه.
١ في سيبويه ١/ ٢١، وإن شئت قلت: كان أخاك عبد الله "فقدمت كما فعلت ذلك في ضرب لأنه فعل مثله" وحال التقديم والتأخير فيه. كحاله في ضرب، إلا اسم الفاعل والمفعول فيه. لشيء واحد.
٢ وَكَسَ: نَقَصَ، والوكس: النقص، في حديث أبي هريرة: "من باع بيعتين في بيعة فله أوكسهما أو الربا" انظر اللسان مادة: وَكَسَ.