شرح الخامس: وهو المشبه بالفاعل في اللفظ.
المشبه بالفاعل على ضربين: ضرب منه ارتفع "بكان وأخواتها" وضرب آخر ارتفع بحروف شبهت "بكان" والفعل, وأخوات "كان": صار, وأصبح, وأمسى/ ٦٦ وظل, وأضحى, وما دام, وما زال, وليس, وما أشبه ذلك مما يجيء عبارة عن الزمان فقط وما كان في معناهن مما لفظه لفظ الفعل, وتصاريفه تصاريف الفعل١, تقول: كان, ويكون, وسيكون, وكائن, فشبهوها بالفعل لذلك, فأما مفارقتها للفعل الحقيقي فإن الفعل الحقيقي يدل على معنى وزمان نحو قولك: ضرب يدل على ما مضى من الزمان وعلى الضرب الواقع فيه "وكان" إنما يدل على ما مضى من الزمان فقط "ويكون" تدل على ما أنت فيه من الزمان وعلى ما يأتي, فهي تدل على زمان فقط, فأدخلوها على المبتدأ وخبره, فرفعوا بها ما كان مبتدأ تشبيهًا بالفاعل و نصبوا٢ بها الخبر تشبيهًا بالمفعول فقالوا: كان عبد الله أخاك, كما قالوا: ضرب عبد الله أخاك, إلا أن المفعول في "كان" لا بد من أن يكون هو الفاعل, لأن أصله المبتدأ وخبره, كما كان خبر المبتدأ لا بد من أن يكون هو المبتدأ فإذا قالوا/ ٦٧ "كان زيد قائمًا" فإنما معناه: زيد قام فيما مضى من الزمان, فإذا قالوا: أصبح عبد الله منطلقًا, فإنما المعنى: أتى الصباح وعبد الله منطلق, فهذا تشبيه لفظي, وكثيرًا ما يعملون الشيء عمل الشيء إذا أشبهه في اللفظ وإن لم يكن مثله في المعنى وسترى ذلك إن شاء الله, فقد بان شبه "كان وأخواتها" بالفعل إذ كنت تقول: كان يكون, وأصبح يصبح وأضحى, ويضحى, ودام يدوم, وزال يزال, فأما ليس, فالدليل على أنها فعل وإن كانت لا تتصرف٣ تصرف الفعل قولك: لست, كما تقول: ضربت ولستما كضربتما, ولسنا, كضربنا ولسن, كضربن,
١ في الكتاب ١/ ٢١ فهو كائن ونكون، كما كان ضارب ومضروب.
٢ أضفت ما بين القوسين لإيضاح المعنى.
٣ قال سيبويه ١/ ٢١ وأما ليس فإنه لا يكون فيها ذلك "أي: التصرف" لأنها وضعت موضعا واحدا ومن ثم لم تصرف تصرف الفعل الآخر.