وقد مضى تفسير هذا, وقد تخبر في هذا الباب بالنكرة عن النكرة إذا كان فيه فائدة وذلك قولك: ما كان/ ٦٩ أحد مثلك, وليس أحد خيرًا منك, وما كان رجل قائمًا مقامك, وإنما صلح هذا هنا, لأن قولك: "رجل" في موضع الجماعة إذا جعلوا رجلًا رجلًا, يدلك على ذلك قولك: ما كان رجلان أفضل منهما.
والمعول في هذا الباب وغيره على الفائدة, كما كان في المبتدأ والخبر. فما كانت فيه فائدة فهو جائز فأنت إذا قلت: ليس فيها أحد فقد نفيت الواحد والاثنين وأكثر من ذلك, ومثل هذا لا يقع في الإيجاب ونظير أحد عريب١ وكتيع٢, وطورئ٣ وديار, قال الراجز:
وبلدة ليس بها ديار
ومن هذه الأسماء ما يقع بعد "كل" لعمومها, تقول: يعلم هذا كل أحد, وأما قول الشاعر٤:
١ عريب: من الألفاظ الملازمة للنفي ومعناها: لا أحد.
٢ كتيع: الكتيع: المنفرد من الناس. يقال: ما بالدار كتيع، أي: لا أحد.
٣ طورئ: تقول العرب: ما بالدار طورئ، ولا دوري، أي: أحد، ولا طوراني مثله. ومثله قول الحجاج: وبلدة ليس بها طوري.
انظر اللسان مادة "طور".
٤ نسبه السيرافي للأخطل، وروى: لقد ظهرت، ولم يوجد في ديوان الأخطل، وإنما وجدته في ديوان ذي الرمة، ويروى كذلك:
لقد بهرت فما تخفى على أحدٍ
وذهب ابن السراج مذهب سيبويه ورأى أن أحدا الثانية حكاية لأحد الأولى، انظر شرح السيرافي ١/ ٣٢٥، والموشح/ ١٨٢، والديوان/ ١٩١.