ولا يجوز أن تجعل الهمزة بينَ بينَ في التخفيف, إلا في موضع يجوز أن يقع موضعها حرف ساكن, ولولا أن الألف يقع بعدها الحرف الساكن ما جاز ذلك؛ لأنه لا يجمع بين ساكنين وذلك في المسائِل المسايل, يجعلها بين الياء والهمزة, وفي هباءةٍ هَبَاأَةٌ, فيجعلونها بين الهمزة والألف, يلينُ الصوتُ بها وتقول في جزاءُ أُمه, جَزاؤامهِ.
الضرب الثاني:
الهمزة المتحركة التي قبلها حرف ساكن ليس بحرف مَدٍّ, فَمنْ يخفف الهمزة يحذفها ويلقي حركتها على الساكن الذي قبلها، وذلك قولك في المرأة، المَرة، وفي الكمأة الكَمَة, وقال الذين يخففون: "أَلا يسْجدوا لِلَّهِ الَّذي يُخْرجُ الْخبَ فِي السَّمواتِ وَالْأرْضِ"١، ومن ذلك: مَن بُوكَ ومَن مُّكَ وكَم بلكَ إذا خففت ومثل ذلك: الحمر تريد الأحمر, وقد قالوا: الكماةُ والمراة ومثله قليل, ومما حذف في التخفيف لأن ما قبله ساكن قولهم: أَرَى وتَرَى ونَرى ويَرى. وقد أجمعت العرب على تخفيف المضارع من رأيت لكثرة استعمالهم إياه فإذا خففت همزة أرأَوهُ قلت: رَوْهُ حذفت الهمزة وألقيت حركتها وهي الفتحة على الراء وسقطت ألف الوصل وتقديره: أرَأوهُ مثل: أرَعوهُ دخلت ألف الوصل من أجل سكون الراء فلما حركت سقطت ألف الوصل, فإن أمرت واحدًا قلت: ذاك نطقت بالراء وحدها وكان الأصل أرْأى فحذفت الألف التي هي لام الفعل للأمر كما حذفتها في: اخشَ يا هذا وكان الأصل: اخشى وحذفت الهمزة للتخفيف وألقيت حركتها على الراء, فسقطت ألف الوصل فبقيت الراء وحدها, قال سيبويه: وحدثني أبو الخطاب٢ أنه سُمعَ من يقول: قد أَراهُم فجاء به على الأصل٣.
١ النمل: ٢٥. وهذه القراءة من الشواذ، انظر شواذ ابن خالويه ١٠٩، وتنسب إلى أبي بكر وعيسى بن عمر الثقفي, وقراءة الجمهور الخبء بالهمز.
٢ أي: الأخفش الكبير.
٣ انظر: الكتاب ٢/ ١٦٥.