وترفع الأخ بـ"ذاهب" لأنه ملبس بـ"زيد" وهو من سببه, فكأنك قلت: ليس زيد بذاهب ولا خارج, ولو حملت "الأخ"/ ٧٨ على "ليس", لم يجز, من أجل أنك تعطف على عاملين, على "ليس" وهي عاملة وعلى "الباء" وهي عاملة, وقالوا: ما كان عبد الله ليقوم, ولم يكن ليقوم, فأدخلوا اللام مع النفي ولا يجوز هذا في أخوات "كان". ولا تقول: ما كان ليقوم, وهذا يتبع فيه السماع.
واعلم: أن خبر "كان" إذا كنيت عنه جاز أن يكون منفصلًا ومتصلًا, والأصل أن يكون منفصلًا, إذ كان أصله أنه خبر مبتدأ, تقول: كنت إياه, وكان إياي, هذا الوجه, لأن خبرها خبر ابتداء وحقه الانفصال, ويجوز كأنني وكنته كقولك: "ضربني وضربته", لأنها متصرفة تصرف الفعل, فالأول استحسن للمعنى, والثاني لتقديم اللفظ قال أبو الأسود:
فإنْ لا يَكُنْهَا أَوْ تَكُنْهُ فإنَّهُ ... أَخُوها غَذَتهُ أُمهُ بِلِبَانِهَا١
و"لكان" ثلاثة مواضع:
الأول: التي يكون لها اسم وخبر.
الثاني: أن يكون بمعنى وقع وخلق٢ فتكتفي بالاسم وحده ولا
١ استشهد به سيبويه ١/ ٢١، على أن "كان" تجري مجرى الأفعال الحقيقية في عملها فيتصل بها خبرها الضمير اتصال ضمير المفعول بالفعل الحقيقي في نحو: ضربته.
وكان أبو الأسود يخاطب به مولى له كان حمل له تجارة إلى الأهواز وكان إذا مضى إليها يتناول شيئا من الشراب فاضطرب أمر البضاعة.
واللبان, بكسر اللام، تقول: هو أخوه بلبان أمه، ولا يقال: بلبن أمه. ويريد الشاعر: نبيذ الزبيب, وانظر المقتضب ٣/ ٩٨، وأدب الكاتب/ ٣٢، وشرح السيرافي ١/ ٣٠٧، وإصلاح المنطق/ ٢٩٧ والإنصاف/ ٤٩، وابن يعيش/ ٣/ ١٠٧، وتفسير المسائل المشكلة للفارقي/ ٧٠.
٢ أي: التامة. قال سيبويه: وقد يكون "لكان" موضع آخر يقتصر على الفاعل فيه، تقول: قد كان عبد الله، أي: قد خلق عبد الله وقد كان الأمر، أي: وقع الأمر. انظر الكتاب ١/ ٢١.