تاريخ كتب عن مدينة إسلامية كتبه مؤلف من أعظم العلماء في صدر الاسلام
وفي قيمته صدر الاستاذ محمد كر علي المجلدة الاولى بقوله (١) : ما حظيت مدينة في الاسلام بتاريخ لها يضاهي تاريخ دمشق هذا
ويقول: وقد يكون تاريخ دمشق أوسع تواريخ المدن وهو أيضا من أوسع المصادر في تراجم الرجال
حتى ليجرد منه كتب على حدة في موضوعات مختلفة كولاة دمشق مثلا وقضاتها وشعرائها
ومنه يستخرج أحسن تاريخ لبني أمية سكتت معظم التواريخ عنه
وهو إلى ذلك حوى عدة كتب مستقلة فكل طالب يظفر فيه بطلبته ويجد فيه ما لا يجده في كتاب غيره لان ابن عساكر يمتاز بالتحري والبسط والاستقصاء وتتبع النوادر في سير المترجم لهم وأخبارهم
ومن المؤكد أن الحافظ كان قد وضع تصوره العام لموضوع كتابه في وقت مبكر ولعله وضع النهج والمخطط التفصيلي لمضمون الموضوعات التي سيتناولها بالبحث ولعل هذا التصور المبدئي هو الذي دفع به إلى رحلتيه الاولى والثانية إلى بغداد ومنها إلى مكة وبلاد الحجاز ثم توجهه إلى بلاد العجم
فقد تأكد بشهادة رفيقه وصديقه أبي سعد السمعاني أنه بدأ بكتابه قبل رحلته إلى بلاد العجم يقول السمعاني (٢) : " دخل نيسابور قبلي بشهر سمعت منه وسمع مني وسمعت منه معجمه وحصل لي بدمشق نسخة منه وكان قد شرع في التاريخ الكبير لدمشق "
وقد مضى فيما كتبناه أن رحلته إلى بلاد العجم كانت في سنة تسع وعشرين وخمسمئة
وذكرنا أن عودته إلى دمشق كانت في سنة ثلاث وثلاثين وخمسمئة وأنه استقر فيها منصرفا الى التدريس والتصنيف والتاليف وكان نتاج رحلاته تحصيله علما كثيرا وحفظه وإتقانه حديثا واسعا ومعرفة طرقه وأسانيده ومتونه وهو ما ظهر في كتاب تاريخ دمشق
(١) تاريخ مدينة دمشق المجلد الاول تصدير: ص د
(٢) تذكرة الحفاظ ٤ / سير الاعلام ٢٠ / ٥٦٧