جفنة منه «١» وإن أصحاب القرآن عنده يسألونه، وأصحاب الشعر عنده يسألونه، وأصحاب الفقه عنده يسألونه «٢» ، كلهم يصدرهم في واد واسع.
وقال عطاء «٣» : كان أناس يأتون ابن عباس في الشعر والأنساب، وناس لأيام العرب ووقائعها، وناس للعلم، فما منهم من صنف إلا يقبل عليهم بما شاؤوا.
وعن طاوس قال «٤» : كان ابن عباس قد بسق على الناس في العلم كما تبسق النخلة السّحوق على الوديّ «٥» الصغار.
وعن طاوس قال: ما رأيت أحدا خالف ابن عباس قط فتركه حتى يقرّره.
وعن ليث بن أبي سليم قال «٦» : قلت لطاوس: لزمت هذا الغلام يعني ابن عباس، وتركت الأكابر من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم! قال: إني رأيت سبعين من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إذا تدارؤوا في أمر «٧» صاروا إلى قول ابن عباس.
وعن طاوس قال «٨» : أدركت خمسين أو سبعين «٩» من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إذا سئلوا عن شيء فخالفوا ابن عباس لا يقومون حتى يقولوا: هو كما قلت، أو صدقت.
وعن ليث قال: قال لي طاوس: ما تعلمت من شيء فتعلم لنفسك، فإن الناس قد ذهبت منهم الأمانة.
قال «١٠» : وما رأيت رجلا أعلم من ابن عباس ولا رأيت رجلا أورع من ابن عمر. قال:
وكان طاوس يعدّ الحديث حرفا حرفا.