الشهر حتى يفقههم «١» ، وكان إذا كان آخر ليلة من شهر رمضان يعظهم، ويتكلم بكلام يردعهم، ويقول: ملاك أمركم الدين، ووصلتكم الوفاء، وزينتكم العلم، وسلامتكم الحلم وطولكم المعروف. إن الله كلفكم الوسع، اتّقوا الله ما استطعتم «٢» . قال: فقام أعرابي فقال:
من أشعر الناس أيها الأمير؟ قال: أفي إثر العظة؟ قل يا أبا الأسود قال: فقال أبو الأسود الدؤلي: أشعر الناس الذي يقول:
فإنّك كالليل الذي هو مدركي وإن خلت أنّ المنتأى عنك واسع «٣»
قال: هذا لنابغة بني ذبيان.
فكان الرجل يأتي مجلس عبد الله بن عباس وقد انتعل القوم، فيخلع نعليه، فيقول له الرجل لا يحبسك مكاني يا أبا العباس، فيقول: ما أنا بقائم حتى أحدثك وتحدثني فأسمع منك.
قال محمد بن سلام: سعى ساع إلى ابن عباس برجل فقال: إن شئت نظرنا فيما قلت، فإن كنت كاذبا عاقبناك، وإن كنت صادقا مقتناك، وإن أحببت أقلناك. قال: هذه.
قال أبو محمد بن قتيبة في حديث علي:
إنه كتب إلى ابن عباس حين أخذ من مال البصرة ما أخذ «٤» : إني أشركتك في أمانتي «٥» وجعلتك شعاري وبطانتي «٦» ولم يكن رجل من أهلي أوثق منك في نفسي «٧» . فلما رأيت الزمان على ابن عمك قد كلب «٨» ، والعدوّ قد حرب وأمانة الناس قد خزيت وهذه الأمة قد فنكت وشغرت «٩» قلبت لابن عمك ظهر المجنّ بفراقه مع المفارقين وخذلانه مع