أيامنا، وقطعنا الدهر بشتم العشيرة، فهلم إلى الصلح، فجعل جرير يقرىء كتابه الناس، ويقول: دعاني إلى الصلح، فإذا في آخر كتابه «١»
:
شهدت طهيّة والبراجم كلّها أن الفرزدق نال أمّ جرير
وقال بعض الخلفاء «٢»
لجرير والفرزدق: حتى متى لا تنزعان «٣»
، فقال جرير: يا أمير المؤمنين، إنه يظلمني، قال: صدق، إني أظلمه، ووجدت أبي يظلم أباه.
خرج «٤»
الفرزدق حاجا فمرّ بالمدينة، فدخل على سكينة بنت الحسين بن علي بن أبي طالب مسلما عليها، فقالت: يا فرزدق، من أشعر الناس؟ قال: أنا، قالت: ليس كما قلت «٥»
، أشعر منك الذي يقول «٦»
:
بنفسي من تجنّبه عزيز علي ومن زيارته لمام
ومن أمسي وأصبح لا أراه ويطرقني إذا هجع النيام
فقال: لئن أذنت لي لأسمعنك من شعري أحسن من هذا، فقالت: أقيموه، فخرج.
فلما كان الغد عاد إليها، فقالت: يا فرزدق، من أشعر الناس؟ قال: أنا، قالت: ليس كما قلت «٧»
، أشعر منك الذي يقول «٨»
:
لولا الحياء لهاجني «٩» استعبار ولزرت قبرك والحبيب يزار
كانت إذا هجر «١٠»
الضجيع فراشها خزن «١١»
الحديث وعفّت الأسرار