باب دربه في أطمار خزّ إذ مرّت به امرأة نبيلة برزة، فقالت له: كيف الطريق إلى حمام منجاب؟ فقال: ها هنا، وأومأ إلى دربه. فلما ولجت المرأة الدرب كامشها»
فاحتملها، وقد علم الله ما كان بعد ذلك.
وحدث بعض أهله قال: كنت عند رأس الفرزدق ألقّنه الشهادة، فكنت أقول: يا أبا فراس، قل لا إله إلا الله، فيقول «٢» :
يا رب قائلة يوما وقد لعبت «٣» : كيف الطريق إلى حمام منجاب
ثم يقول: نعم، لا إله إلا الله، إلى أن مات.
ولما احتضر الفرزدق قال «٤» : أروني من يقوم لكم مقامي إذا ما الأمر جلّ عن العتاب «٥»
إلى من تفزعون إذا حثوتم بأيديكم عليّ من التراب
قال أبو عمرو بن العلاء:
حضرت الفرزدق، وهو يجود بنفسه، فما رأيت أحسن ثقة بالله منه. وذلك في أول سنة عشر ومئة. فلم أنشب أن قدم جرير من اليمامة، فاجتمع إليه الناس، فما وجدوه كما عهدوه، فقلت له في ذلك، فقال: أطفأ الفرزدق جمرتي، وأسال عبرتي، وقرّب منيتي، ثم شخص إلى اليمامة، فنعي لنا في رمضان من تلك السنة.
وقيل: إن الفرزدق عاش حتى قارب المئة «٦» ، ومات سنة أربع عشرة ومئة «٧» .
وكان له من الولد «٨» : لبطة وسبطة وخبطة «٩» وركضة، فانقرض عقبه.