اخبرنا أبو محمد عبد الله بن مالك قال اخبرنا الزبير بن بكار قال حدثني مسلمة بن إبراهيم المخزومي عن أيوب بن مسلمة قال: كان عمر ابن عبد الله بن أبي ربيعه مستهاما مغرما بالثريا بنت عبد الله بن علي بن الحارث بن أمية الأصغر بن عبد شمس بن عبد مناف وكانت عرضة ذلك، جمالا وكمالا، وكانت تصيف بالطائف: وكان عمر مدة مقامها بالطائف يبكر فيقوم على فرسه فيسأل الركبان الذين يجيئون بالفاكهة من الطائف عن الأخبار ليسكن إلى ما يسمعه من خبرها، فسألهم ذات يوم عن مغر بات أخبارهم. فقالوا: ما عندنا خبر إلا أنا سمعنا عند رحيلنا صياحا عاليا على امرأة من قريش اسمها على اسم نجم في السماء قد ذهب عنا. فقال لهم عمر: الثريا؟ فقالوا: نعم. فسار عمر على وجه يُعْدِي فَرَسَه مِلء فروجِه نحو الطائف واخذ على كَدَاء. وهي أحزن الطريقين وأخصرهما، حتى وفلى الطائف فوجدها سليمة قد خرجت تتشوفه، ومعها أختاها رضيا وأم عثمان، فأخبرها الخبر، فقالت: أنا والله أمرتهم بذلك لأعلم مالي عندك. وقال عمر في وجهه ذلك: الطويل
تَشَكَّى الكُميتُ الجبريَ لمّا جَهَدْتُهُ ... وبيّن لو يَستطِيعُ أن يَتَكَّلما
فقلت لهه: إنْ ألقَ للعينِ قُرَّةً ... فهان عليّ أن تكلّ وتَسْأَمَا
عدمت إذن وفري وفارقت مهجتي ... لئن لم أقَلْ قَرناً أن الله سلمّا
لذلك أدِني دُونَ خَيلي رباطَةُ ... وأوُصي به أن لا يُهان ويُكرما
قال أبو القاسم: يقال عدا الفرس إذا حمله على العدو، وكل الرجل: إذا ضعف يكل كلا وكلالة، ومنه الكلالة في النسب إنما هو من الضعف لأنه ما عدا الوالد والولد. وبعض العلماء جعل الكلالة في قوله " يورث كلالة: المتوفى وبعضهم يجعله المال. وأكثرهم على ما بدأنا به. والكَللُّ: الضعيف، والكَلُّ: الثقيل على أهله، والكَلُّ: الصنم.
اخبرنا نفطويه عن ثعلب عن الرياشي قال قال سمرة بن جندب: مات محمد بن الحجاج بن يوسف، فلما انصرفنا من جنازته اجتزت بشيخ من بني عقيل، فقال لي: من أين؟ فقلت: من جنازة محمد ابن الحجاج بن يوسف. فأنشأ الشيخ يقول: الطويل
فذوقوا كما ذقنا غداة محجر ... من الغيظ في أكبادنا والتحوب
قال: وكان الحجاج قتل ابنا للشيخ.
اخبرنا الأخفش قال حدثنا المبرد عن المازني عن الأصمعي عن أبي عمرو بن العلاء قال: قيل لرجل من بكر بن وائل قد عاش ثلاثين ومائتي سنة: كيف رأيت الدنيا؟ قال: عشت مائة سنة لم أصدع فيها، ثم أصابني في الثلاثين والمائة ما يصيب الناس.
أنشدنا الأخفش عن ثعلب: المنسرح
إنَّ مُعاذَ بَن مسلمٍ رجلٌ ... قد ضَجَّ من طولِ عمرِهِ الأبَدَ
قد شاب رأس الزمان واكَتَهلَ الدهرُ وأثوابُ عُمره جُدُدُ
يا نسرَ لقمانَ كم تعيشُ وكم ... تسحُب ذيلَ الحياةِ يا لُبَدُ
قد أصبحت دار آدمٍ خَرِبَتْ ... وأنت فيها كأنك الوَتِدْ
تسأل غربانها إذا حجلَتْ ... كيف يكون الصداع والرَّمَدُ
اخبرنا الأخفش قال اخبرنا احمد بن يحيى عن أبي الفضل الرياشي عن الأصمعي قال: سمعت شيخا من بني العُجَيف يقول: تمنيت دارا فبقيت أربعة اشهر مفكرا في الدرجة كيف تقع. وقيل لرجل من الضباب: تمن. فتمنى خباء خلقا وقوسا في جلة في ليلة مطيرة وان يجيء الكلب فيدخل معه الخباء.
قال أبو القاسم: القوس: بقية التمر في الجلة، والآس: بقية العسل في وعائه، أو الموضع الذي يشتار منه. والكعب: بقية السمن في النحي، والهلال: بقية الماء في الحوض. والشفا مقصور: بقية كله شيء. ويقال: العسل هو العسل، واللوص، والأرى، والضّحك، والسعابيب، والطّرم، والطريم. ويقال تمنى الرجل: إذا حدث نفسه وتفكر، وتمنى: إذا سأل ربه، وتمنى: إذا كذب. واجتاز بعض العرب بابن دأب وهو يحدث قوما فقال: هذا شيء رويته أم تمنيته؟.
ويقال: تمنى الرجل: إذا تلا القرآن، ومنه قوله تعالى: (لا يعلمون الكتاب إلا أماني. وينشد الطويل
تَمَنّى كتابَ الله أوَّلَ لَيلِهِ ... وآخِرَهُ لاقَى حِمامَ المَقَادِرِ