اخبرنا نفطويه قال حدثنا إسحاق بن محمد قال حدثنا الحسن بن محمد عن شيبان عن قتادة في قول الله عز وجل وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيدكم ويعفو عن كثير قال: ذكر لنا إن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال: وما يصيب ابن آدم خدش من عود، ولا عثرة رجل، ولا اختلاج عرق، إلا بذنب، وما يعفو الله عنه أكثر.
وبإسناده عن قتادة (ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها ... الآية) قال: هذا مثل ضربه الله لمن نكث عهده. يقول: لو سمعتم بامرأة نقضت غزلها من بعد إبرامه أما كنتم تقولون: ما أحمق هذه؟. والذي يذهب إليه غير قتادة أنهم نهوا عن الكفر بعد الإسلام لئلا يكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد إبرامه. وواحد الإنكاث نكث: وهو ما نقض من الأخبية والأكسية ليغزل ثانية ويعاد مع الجديد.
اخبرنا نفطويه قال حدثنا إسحاق بن محمد عن الحسن عن محمد عن شيبان قال عن قتادة في قول الله تعالى (لعلك باخعٌ نَفْسَكَ) قال: قاتل نفسك. قال نفطويه قال ثعلب: يقال: بخع فلان فلانا: إذا قتله، ويخع به: إذا بالغ في ذمه، ويخع فلان وجثع: إذا ذل واستخذى وينشد لذي الرمة: الطويل
ألا ايّهذا الباخِعُ الوَجْدَ نَفسَه ... لشيء نَحتْهُ عن يَدَيْهِ المَقَادِرُ
أخبرنا أبو محمد عبد الله بن مالط النحوي الضرير قال أخبرني ثعلب عن عمر بن شبة قال: كان لمعاوية بن أبي سفيان عين ببلاد الروم، قال:
فكتب إليه: إن هذا الطاغية قال في مجلسه إن هذا أوان استأصل فيه العرب لأنها قد اختلفت. فكتب إليه معاوية كتابا يحلف له فيه ويقول: لئن عزمت على ما أظهرته في مجلسك لأصالحن صاحبي ولأصيرن مقدمته إليك فانزل قسطنطينية الجرامقة ولأردنك أرلسيا كما كنت ترعى الخنانيص..فكتب إليه ملك الروم يحلف له فيه بالبراءة من المعمودية والدخول في الحنيفية ما هم بهذا ولا تكلم، وأهدى إليه هدايا كثيرة أكثرها اليُزبون. بضم الياء، وكسرها خطأ.
وحكى عن ثعلب انه قال: الارلس: الاكادر، أنا احسبها غير عربية ولعلها بلغة القوم. والخنانيص: أولاد الخنازير واحدها خنوص.
اخبرنا الأخفش قال اخبرنا المبرد عن المازني عن الأصمعي قال: كانت بثينه تكنى أم عبد الملك كان شهرة جميل بها وصبابتها به وتفاقم أمرهم تواعده أهلها وتهددوه وحلفوا إنهم إن ظفروا به قتلوه فقال في ذلك الرجز
يا أم عبد الملك اصرميني ... فبيني صرمي أوصلني
إن بني عمك أوعدوني ... أن يقتلوني ثم لا يدوني
أما ورب البيت لو لقوني ... شفعا ووترا لتواكاوني
قد علم الأعداء أن دوني ... ضربا كإيزاع المخاض الجون
ثم خرج إلى مصر وبها مات، فلما حضرته الوفاة أنشأ يقول: الكامل
بكر النعي وما كنى بجميل ... وثوى بمصر ثواء غير قفول
قومي بثينة فاندبي بعويل ... وابكي خليلك دون كل خليل
ولقد اجر البرد في وادي القرى ... نشوان بين مزارع ونخيل
فلما بلغت هذه الأبيات بثينة قالت بيتين ولم تكن قالت قبلهما قط ولا بعدهما شعرا غيرهما، وهما: الطويل
سواء علينا يا جميل بن معمر ... إذا مت بأساء الحياة ولينها
وان سكوتي عن جميل لساعة ... من الدهر ما جاءت ولا حان حينها
أنشدنا الأخفش عن ثعلب عن ابن الأعرابي: الوافر
أباكية رزئت إن أتاها ... نعي أم يكون لها اصطبار
إذا ما أهل ود ودعوني ... وراحوا والأكف بها غبار
دعوه واعظمي في لحد قبر ... تعاوره الجنائب والقطار
تهب الريح حول محط قبرى ... ويرعى حوله اللهق النوار
أزال النأي لا الهجران حولا ... وحولا ثم تجتمع الديار
اللهق النوار: الوحشي الأبيض، يقال للشيء الأبيض: هي لهق ولهواق ولهاق. قال: فإذا اشتد بياض الإنسان حتى كأنه ابرص قيل: هو أمقه وامهق. وأنشدنا نفطويه لذي الرقة: الوافر
إذا خفقت بأمهق صحصحان ... رؤوس القوم والتزموا الرحيلا
قال: والأمقه: الأرض البيضاء الشديدة البياض لا نبات بها.