وقال في موضع آخر، يعفى عن قدر دينار من الدم.
فأما ما عدا الدم من النجاسات من الدبر كالبول، والعذرة، والخمر، إذا أصاب بدنه، فلا يعفى عنه، أدركه الطرف، أو لم يدركها، وإذا أصاب ثوبه، فما يدركه الطرف منها غير معفو عنه، وفيما لا يدركه الطرف قولان:
أظهرهما: أنه غير معفو، كما لو أصاب البدن.
والثاني: مفعو، ذكره في القديم.
وقال أبو حنيفة: النجاسات قسمان:
مغلظة، ومخففة.
فالمغلظة: كالعذرة، والخمر، وبول ما لا يؤكل لحمه، وغيرها فيعفى عما هو بقدر الدرهم، وما دونه، فإن زاد على قدر الدرهم، لم يكن معفوا.
والمخففة مثل: بول ما يؤكل كل لحمه، يعفى عن ربع الثوب عنه، وما دون الربع فإن زاد على الربع فلا يعفى، وإذا صلى وعلى ثوبه ما لا يعفى عنه من النجاسات، إن كان عالما بالحال، لم تنعقد صلاته، وإن جهلها حتى فرغ من الصلاة، أعاد في الجديد.
وبه قال ابو حنيفة، كما لو بان محدثا أو جنبا، لأن الطهارة، كما تشترط من الحدث، تشترط من النجاسة.
وفي القديم: لا إعادة عليه بخلاف الحدث، لأنه في ذاته يخصه، فانتسب في الجهل به إلى التفريط، لأن الإنسان يحيط علمًا بما يقع في ذاته ويخصه، حسب ما لا يحيط بما هو أجنبي منه.
ولما روى عن أبي سعيد الخدري، رضي الله عنه، أنه قال: صليت خلف النبي صلى الله عليه وسلم فخلع نعليه، فخلعنا نعالنا، فلما سلم، فقال عليه السلام: ما لكم خلعتم نعالكم، فقلنا: لأنك خلعتها يا رسول الله، فقال عليه السلام: أتاني جبريل وأخبرني أن منهما قذى، أو قال: أذى، فخلعتهما، ثم قال: إذا أتى