وفي رواية أدخلني الجنة ومحمدًا، ولا تدخل معنا أحدًا، فقال عليه السلام: لقد تحجرت واسعًا يا أعرابي.
أي: استوليت على مكان واسع قصدت أن تفوز به.
ومنه قولهم: تحجر فلان أرض كذا، إذا أعلم عليها ليحييها فقام الأعرابي ورفع ذيله في ناحية من المسجد ليبول.
قال أبو هريرة: فهممنا به، فنهانا النبي عليه السلام، فقال: لا ترووا به.
أي: لا تقطعوا عليه بوله، قربوا ولا تنفروا ويسروا ولا تعسروا، حتى بال، ثم قال عليه السلام: صبوا عليه ذنوبًا من ماء.
ولم يأمر بالحفر، ثم إنما تحكم بطهارتها، إذا انصب الماء وتنشف فيها.
وبمثله: لو غسل ثوبًا، ولم يعصره حتى جف الماء عليه، أو غسل آنية، وخضخض الماء، فيها، ولم يصبها حتى جف، فوجهان:
أحدهما: يحكم بطهارتها.
والثاني: لا يحكم ما لم يعصر الثوب، ولم يصب الماء الذي في الإناء الذي في العصر، والصب ممكن فيهما، بخلاف الأرض، لأن العصر لا يتأتي فيها فالتنشيف فيها بمنزلة العصر في الثوب.
فأما إذا كات الأرض صلبة، بحيث إذا صب فيها الماء يجري إلى موضع آخر، ويجتمع، فإن الأرض صارت طاهرة، وحكم الماء المجتمع حكم غسالة النجاسة.