كتاب الأيْمان:
باب من يصحّ يمينه، وما يصحّ به اليمين:
يصحّ اليمين من كل بالغٍ، عاقلٍ، مختارٍ، قاصدٍ إلى اليمين.
فأمّا الصبّي فلا يصح يمينه، ومن زال عقله بنوم أو مرض لا يصح يمينه, وإن زال بمحرّم صحّت يمينه. وقيل: فيه قولان، ومن أُكره على اليمين لم يصحّ يمينه، ومن لم يقصد اليمين فسَبَق لسانُه إليها أو قصد اليمين على شيء فسبقت يمينه إلى غيرها لم يصحّ يمينه، وذلك لغوُ اليمين الذي لا يؤاخذ به.
ويصحّ اليمين على الماضي والمستقبل, فإن حلف على ماضٍ وهو صادق فلا شيء عليه، وإن كان كاذبًا أَثِم، وعليه الكفارة، وهذه اليمين هي اليمين الغموس (١) , وإن حلف على مستقبلٍ؛ فإن كان على أمرٍ مباح فقد قيل: إن الأولى أن لا يحنث. وقيل: الأولى أن يحنث، وإن حلف على فعلِ مكروه أو تركِ مستحب فالأولى أن يحنث.
ويكره أن يحلف بغير الله سبحانه، فإن حلف بغيره -كالنبي والكعبة- لم ينعقد يمينه.
وإن قال: إن فعلتُ كذا فأنا يهودي أو نصراني لم ينعقد يمينه، ويستغفر الله تعالى، ويقول: لا إله إلا الله، فإن حلف باسمِ الله تعالى لا يُسمَّى به غيرُه -كقوله: والله، والرحمن، والقدوس، والمهيمن، وعلّام الغيوب، وخالق الخلق، والواحد الذي ليس كمثله شيء، وما أشبهه- انعقد يمينه، وإن حلف باسمٍ له يُسمّى به غيرُه مع التقييد -كالرب، والرحيم، والقاهر، والقادر- ولم ينو به
(١) الغموس: أي التي تغمس صاحبها بالإثم. ٤٨١ من مختار الصحاح.