من المجهول وغيره, وإن صالح مِنْ دَيْنٍ على عين, أو على دين؛ لم يجز أن يتفرّقا من غير قبض، وإن صالح من ألف على خمسمائة لم يصح. وقيل: يصح، وإن قال: أعطني خمسمائة وأبرأتك من خمسمائة جاز.
وإن ادّعى عليه مالًا فأنكر ثم صالح منه على شيء لم يصح الصلح، فإن صالحه (١) عنه أجنبي؛ فإن كان المُدّعى دينًا جاز الصلح، وإن كان المدعى عينًا لم يجز حتى يقول: هو لك، وقد وكّلني في مصالحتك، وإن قال: هو لك وصالحني عنه على أن يكون لي جاز، فإن سلّم له انبرم، وإن لم يسلم له رجع فيما دفع.
ويجوز أن يشرع الرجل جناحًا إلى طريق نافذ إذا كان عاليًا لا يستضر به المارّة، ولا يجوز أن يشرع إلى درب غير نافذ إلا بإذن أهل الدرب. وقيل: يجوز.
ولا يجوز أن يشرع إلى ملكِ غيره، وإن صالحه مالكه عن ذلك بعوض لم يجز، وإن أراد أن يضع جذوعًا على حائطِ جاره أو على حائطٍ مشتركٍ بينهما لم يجز في أصح القولين، فإن صالحه عن ذلك بشيء جاز إذا كان ذلك معلومًا.
وإن صالح رجلًا على أن يُجري في أرضه أو على سطحه ماء وكان ذلك معلومًا جاز.
ولا يجوز أن يفتح كوة في حائط جاره, ولا في حائط مشترك إلا بإذنه.
وإن حصلت أغصان شجرةٍ في هواء (٢) غيره فطولب بإزالتها لزمه ذلك، وإن امتنع كان لصاحب الدار قطعها, فإن صالحه عنها على عوضٍ لم يجز.
وإن كان له دار في دربٍ غير نافذ وباب في آخر الدرب؛ فإن أراد أن يقدمه إلى وسطه أو إلى أوله جاز، وإن كان بابها في أول الدرب فأراد أن يؤخره إلى وسطه أو إلى آخره لم يجز، وإن كان ظهر داره إلى درب غير نافذ فأراد أن يفتح بابًا إلى الدرب للاستطراق لم يجز، وإن فتح لغير الاستطراق فقد قيل: يجوز. وقيل: لا يجوز، فإن صالحه أهل الدرب بعوضٍ جاز، وإن كان بينهما حائط واقع أو لأحدهما العلو وللآخر السفل فوقع السقف، فدعى أحدهما صاحبه إلى البناء وامتنع الآخر؛ ففيه قولان: أصحهما: أنه لا يجبر عليه، فإن أراد أحدهما أن يبني لم يمنع منه، فإن بناه بآلةٍ له فهو ملك له ينفرد به، وإن بناه بما وقع من الآلة فهو مشترك بينهما، فإن استهدم فنقضه أحدهما أُجبر على إعادته. وقيل: هو أيضًا على قولين.
(١) في كفاية النبيه: (فإن صالح عنه). معده للشاملة.
(٢) في المطبوع: (هواه) بالهاء. قال النووي في تحرير ألفاظ التنبيه ص ٢٠٣: قوله: "في هواء غيره" بالمد، وهو ما بين السماء والأرض، وجمعه: أهوية؛ كغطاء وأغطية. معده للشاملة.