يَتَلَاحَقَانِ مِنْ حَيْثُ الزَّمَانُ أَنْ لَا يُقَدَّمَ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ بَلْ يُوَزَّعُ الثُّلُثُ عَلَى الزِّيَادَةِ وَقِيمَةِ الْعَبْدِ (فَإِنْ قَالَ: أَنْت حُرٌّ) إنْ تَزَوَّجْتَ (حَالَ تَزْوِيجِي وُزِّعَ الثُّلُثُ عَلَيْهِمَا) أَيْ عَلَى الزِّيَادَةِ وَقِيمَةِ الْعَبْدِ لِأَنَّهُ لَا تَرْتِيبَ، وَفَارَقَ ذَلِكَ مَا مَرَّ فِي الْعَبْدَيْنِ حَيْثُ لَا يُوَزَّعُ فِيهِ كَمَا لَا يُقْرَعُ بِأَنَّ الْعِتْقَ هُنَا مُعَلَّقٌ بِالنِّكَاحِ وَالتَّوْزِيعُ لَا يَرْفَعُ النِّكَاحَ.
وَهُنَاكَ عِتْقُ غَانِمٍ مُعَلَّقٌ بِعِتْقِ سَالِمٍ كَامِلًا وَالتَّوْزِيعُ يَمْنَعُ مِنْ تَكْمِيلِ عِتْقِ سَالِمٍ فَلَا يُمْكِنُ إعْتَاقُ شَيْءٍ مِنْ غَانِمٍ.
(وَإِنْ عَلَّقَ عِتْقَهَا) أَيْ أَمَتِهِ الْحَامِلِ (بِعِتْقِ نِصْفِ حَمْلِهَا فَأَعْتَقَ النِّصْفَ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ سَرَى) الْعِتْقُ (إلَى بَاقِيهِ وَعَتَقَتْ) أُمُّهُ بِالتَّعْلِيقِ، هَذَا إنْ احْتَمَلَهُمَا الثُّلُثُ وَإِلَّا (فَإِنْ لَمْ يَحْتَمِلْ بَاقِي الثُّلُثِ إلَّا نِصْفَهُ الْآخَرَ أَوْ الْأُمَّ بِأَنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْحَمْلِ) بَعْدَ انْفِصَالِهِ (مِثْلَيْ قِيمَتِهَا) كَأَنْ كَانَتْ قِيمَتُهَا وَقِيمَتُهُ مِائَةً وَمَالُهُ ثَلَاثُمِائَةٍ (أُقْرِعَ) بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ بَاقِي الْحَمْلِ (فَإِنْ خَرَجَتْ) أَيْ الْقُرْعَةُ (لِبَاقِي الْحَمْلِ عَتَقَ) جَمِيعُهُ (دُونَهَا أَوْ) خَرَجَتْ (لَهَا عَتَقَ نِصْفُهَا وَنِصْفُ بَاقِيهِ) وَإِنَّمَا لَمْ تَعْتِقْ كُلُّهَا لِأَنَّ الْحَمْلَ فِي حُكْمِ جُزْءٍ مِنْهَا يَتْبَعُ عِتْقُهُ عِتْقَهَا فَتُوَزَّعُ بَقِيَّةُ الثُّلُثِ وَهِيَ خَمْسُونَ عَلَى الْأُمِّ وَالنِّصْفُ الْبَاقِي بِالسَّوِيَّةِ فَيَعْتِقُ مِنْهَا نِصْفُهَا وَمِنْهُ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهِ (أَوْ) خَرَجَتْ (لَهَا وَقِيمَتُهَا كَقِيمَتِهِ) بِأَنْ كَانَتْ قِيمَتُهَا فِي الْمِثَالِ مِائَةً (عَتَقَ ثُلُثُهَا وَثُلُثُ الْبَاقِي مِنْهُ) تَوْزِيعًا لِلْخَمْسِينَ عَلَيْهَا وَعَلَى نِصْفِ بَاقِيهِ أَثْلَاثًا، فَثُلُثُهَا ثُلُثَا الْخَمْسِينَ وَثُلُثُ بَاقِيهِ ثُلُثُهَا الْبَاقِي وَهُوَ سُدُسُ جُمْلَتِهِ فَيَعْتِقُ مِنْهَا الثُّلُثُ وَمِنْهُ الثُّلُثَانِ.
فَرْعٌ أَوْصَى لَهُ غَيْرُهُ بِعَيْنٍ هِيَ ثُلُثُ مَالِهِ فَأَكْثَرُ وَهِيَ حَاضِرَةٌ وَبَاقِي الْمَالِ غَائِبٌ
(فَرْعٌ)
لَوْ (أَوْصَى لَهُ) غَيْرُهُ (بِعَيْنٍ هِيَ ثُلُثُ مَالِهِ) فَأَكْثَرُ (وَهِيَ حَاضِرَةٌ وَبَاقِي الْمَالِ غَائِبٌ مَلَكَ) الْمُوصَى لَهُ (ثُلُثَ) الْمَالِ (الْحَاضِرِ) فَقَطْ لِجَوَازِ تَلَفِ الْغَائِبِ وَعَدَمِ إجَازَةِ الْوَارِثِ (وَمُنِعَ مِنْ التَّصَرُّفِ فِيهِ) أَيْ فِي ثُلُثِهِ وَكَذَا فِي بَاقِيهِ بِبَيْعٍ أَوْ عِتْقٍ أَوْ غَيْرِهِ حَتَّى يَحْضُرَ مِنْ الْغَائِبِ مَا يَخْرُجُ بِهِ الْحَاضِرُ مِنْ الثُّلُثِ لِأَنَّ تَسَلُّطَهُ يَتَوَقَّفُ عَلَى تَسَلُّطِ الْوَرَثَةِ عَلَى مِثْلَيْ مَا تَسَلَّطَ هُوَ عَلَيْهِ، وَقَدْ يَتْلَفُ الْغَائِبُ فَلَا يَصِلُ إلَى حَقِّهِ وَلَا يَتَسَلَّطُ الْوَرَثَةُ عَلَى ثُلُثَيْ الْحَاضِرِ كَمَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ: (كَمَنْعِ الْوَرَثَةِ مِنْ تَصَرُّفِهِمْ فِي بَاقِيهِ) لِاحْتِمَالِ سَلَامَةِ الْغَائِبِ فَيَخْلُصُ لَهُمْ حَقُّهُمْ وَلِلْمُوصَى لَهُ حَقُّهُ (فَإِنْ تَصَرَّفُوا) فِي بَاقِيهِ (وَبَانَ تَلَفُ الْغَائِبِ فَكَمَنْ بَاعَ مَالَ أَبِيهِ) وَهُوَ (يَظُنُّهُ حَيًّا) فَيَصِحُّ وَإِنْ بَانَ سَالِمًا وَعَادَ إلَيْهِمْ تَبَيَّنَّا بُطْلَانَ تَصَرُّفِهِمْ.
(الرُّكْنُ الرَّابِعُ الصِّيغَةُ، كَأَوْصَيْتُ لَهُ بِكَذَا وَكَذَا أَعْطُوهُ أَوْ ادْفَعُوا إلَيْهِ) كَذَا (أَوْ وَهَبْتُهُ لَهُ) أَوْ جَعَلْتُهُ لَهُ أَوْ مَلَّكْتُهُ لَهُ أَوْ هُوَ لَهُ (بَعْدَ مَوْتِي، وَقَوْلُهُ: هُوَ لَهُ) بِدُونِ بَعْدَ مَوْتِي (إقْرَارٌ) وَلَا يَجْعَلُ كِنَايَةً عَنْ الْوَصِيَّةِ لِبُعْدِهِ (فَإِنْ زَادَ) فِيهِ (مِنْ مَالِي فَكِنَايَةُ وَصِيَّةٍ) لِأَنَّهُ لَا يَصْلُحُ إقْرَارُهُ مَعَ احْتِمَالِ الْهِبَةِ النَّاجِزَةِ وَالْوَصِيَّةِ (وَكَذَا) قَوْلُهُ (عَبْدِي هَذَا لَهُ) لِذَلِكَ (أَوْ) قَوْلُهُ (عَيَّنْتُهُ لَهُ) لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ التَّعْيِينَ لِلتَّمْلِيكِ بِالْوَصِيَّةِ وَالتَّعْيِينَ لِلْإِعَارَةِ (لَا) قَوْلُهُ (وَهَبْتُ لَهُ) بِدُونِ بَعْدَ مَوْتِي فَلَا يَكُونُ وَصِيَّةً (وَلَوْ نَوَى الْوَصِيَّةَ) لِأَنَّهُ قَدْ وَجَدَ نَفَاذًا فِي مَوْضِعِهِ فَلَا يَكُونُ كِنَايَةً عَنْ غَيْرِهِ.
(وَالْوَصِيَّةُ بِالْكِتَابَةِ كِنَايَةٌ) وَإِنْ كَانَ الْمَكْتُوبُ صَرِيحًا (وَإِنْ اعْتَرَفَ بِهَا نُطْقًا) بِأَنْ قَالَ: نَوَيْتُ بِهَا الْوَصِيَّةَ لِفُلَانٍ (أَوْ) اعْتَرَفَ بِهَا (وَارِثُهُ) بَعْدَ مَوْتِهِ كَالْبَيْعِ بَلْ أَوْلَى (فَلَوْ كَتَبَ أَوْصَيْتُ لِفُلَانٍ بِكَذَا وَهُوَ نَاطِقٌ وَأَشْهَدَ) جَمَاعَةً (أَنَّ الْكِتَابَةَ خَطُّهُ وَمَا فِيهِ وَصِيَّتُهُ وَلَمْ يُطْلِعْهُمْ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى مَا فِيهِ (لَمْ تَنْعَقِدْ) وَصِيَّتُهُ كَمَا لَوْ قِيلَ لَهُ: أَوْصَيْتُ لِفُلَانٍ بِكَذَا فَأَشَارَ أَنْ نَعَمْ، وَخَرَجَ بِالنَّاطِقِ غَيْرُهُ وَقَدْ ذَكَرَهُ فِي قَوْلِهِ.
فَرْعٌ وَصِيَّةُ مَنْ اُعْتُقِلَ لِسَانُهُ
(فَرْعٌ: مَنْ اُعْتُقِلَ لِسَانُهُ فَوَصِيَّتُهُ) صَحِيحَةٌ (بِكِتَابَةٍ أَوْ إشَارَةٍ) كَالْبَيْعِ وَرُوِيَ أَنَّ أُمَامَةَ بِنْتَ الْعَاصِي أُصْمِتَتْ فَقِيلَ لَهَا: لِفُلَانٍ كَذَا وَلِفُلَانٍ كَذَا؟ فَأَشَارَتْ أَنْ نَعَمْ، فَجَعَلَ ذَلِكَ وَصِيَّةً
(فَرْعٌ)
لَوْ قَالَ: كُلُّ مَنْ ادَّعَى بَعْدَ مَوْتِي شَيْئًا فَأَعْطُوهُ لَهُ وَلَا تُطَالِبُوهُ بِالْحُجَّةِ فَادَّعَى اثْنَانِ بَعْدَ مَوْتِهِ بِحَقَّيْنِ مُخْتَلِفَيْ الْقَدْرِ وَلَا حُجَّةَ كَانَ كَالْوَصِيَّةِ تُعْتَبَرُ مِنْ الثُّلُثِ وَإِنْ ضَاقَ عَنْ الْوِفَاقِ قُسِّمَ بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ حَقَّيْهِمَا، قَالَهُ الرُّويَانِيُّ وَفِي الْأَشْرَافِ لَوْ قَالَ الْمَرِيضُ: مَا يَدَّعِيهِ فُلَانٌ فَصَدِّقُوهُ فَمَاتَ قَالَ الْجُرْجَانِيُّ: هَذَا إقْرَارٌ بِمَجْهُولٍ
ــ
حاشية الرملي الكبير
فَنَقُولُ: إنْ قُلْنَا الْمَعْلُولُ مَعَ الْعِلَّةِ فَالْعِتْقُ وَالتَّزْوِيجُ وَالْمَهْرُ وُجِدَ الْكُلُّ فِي حَالَةٍ وَاحِدَةٍ إذْ عِلَّةُ التَّزْوِيجِ اللَّفْظُ وَعِلَّةُ الْعِتْقِ وَالْمَهْرِ التَّزْوِيجُ وَقَدْ وُجِدَ الْكُلُّ دَفْعَةً وَاحِدَةً، وَكَذَلِكَ قُلْنَا بِتَرْتِيبِ الْمَعْلُولِ عَلَى الْعِلَّةِ فَإِنَّ الْعِتْقَ وَلُزُومَ الْمَهْرِ يُوجَدَانِ بَعْدَ التَّزْوِيجِ فَإِنَّهُمَا مَعْلُولَانِ لَهُ وَزَمَانُهُمَا وَاحِدٌ، نَعَمْ قَدْ يُقَالُ: مِنْ الْأَصْحَابِ مَنْ قَالَ كَمَا حَكَاهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِي كِتَابِ الطَّلَاقِ إنَّ الْمَعْلُولَ مَعَ الْعِلَّةِ فِي الْعِلَلِ الْعَقْلِيَّةِ وَمُرَتَّبٌ عَلَيْهَا فِي الْعِلَلِ الْوَضْعِيَّةِ.
وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنْ يُوجَدَ التَّزْوِيجُ وَلُزُومُ الْمَهْرِ مَعَ اللَّفْظِ ثُمَّ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ الْعِتْقُ بَعْدَهُ
م (قَوْلُهُ وَمُنِعَ مِنْ التَّصَرُّفِ فِيهِ) لَوْ أَطْلَقُوا لَهُ التَّصَرُّفَ فِي الثُّلُثِ صَحَّ، قَالَهُ فِي الِانْتِصَارِ، وَلَوْ أَوْصَى لَهُ بِالثُّلُثِ وَلَهُ عَيْنٌ وَدَيْنٌ دُفِعَ إلَيْهِ ثُلُثُ الْعَيْنِ وَكُلَّمَا نُضَّ مِنْ الدَّيْنِ شَيْءٌ دُفِعَ لَهُ ثُلُثُهُ وَلَوْ كَانَ لَهُ مِائَةُ دِرْهَمٍ حَاضِرَةٌ وَخَمْسُونَ غَائِبَةٌ وَأَوْصَى لِرَجُلٍ بِخَمْسِينَ مِنْ الْحَاضِرَةِ وَمَاتَ وَقَبْلَ الْوَصِيَّةِ أُعْطِيَ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ وَالْوَرَثَةُ خَمْسُونَ وَتُوقَفُ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ فَإِنْ حَضَرَ الْغَائِبُ أُعْطِيَ الْمُوصَى لَهُ الْمَوْقُوفُ، وَإِنْ تَلِفَ الْغَائِبُ قُسِّمَتْ الْخَمْسَةُ وَالْعِشْرُونَ أَثْلَاثًا فَلِلْمُوصَى لَهُ ثُلُثُهَا وَهِيَ ثَمَانِيَةٌ وَثُلُثٌ وَالْبَاقِي لِلْوَرَثَةِ (قَوْلُهُ: كَمَنْعِ الْوَرَثَةِ مِنْ بَاقِيهِ) عُلِمَ مِنْهُ أَنَّ مَحَلَّهُ إذَا كَانَتْ الْغَيْبَةُ تَمْنَعُ التَّصَرُّفَ فِيهِ لِتَعَذُّرِ الْوُصُولِ إلَيْهِ لِخَوْفٍ أَوْ نَحْوِهِ وَإِلَّا فَلَا حُكْمَ لِلْغَيْبَةِ وَيُسَلَّمُ لِلْمُوصَى لَهُ الْمُوصَيْ بِهِ وَيَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ فِيهِ وَتَصَرُّفُهُمْ فِي الْمَالِ الْغَائِبِ
(قَوْلُهُ: فَإِنْ زَادَ مِنْ مَالِي فَكِنَايَةُ وَصِيَّةٍ) لَوْ قَالَ: ثُلُثُ مَالِيّ لِلْفُقَرَاءِ لَمْ يَكُنْ إقْرَارًا لِإِضَافَةِ الْمَالِ إلَيْهِ، قَالَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ فِي الْفَتَاوَى: وَلَا وَصِيَّةً أَيْضًا، وَقَالَ الزَّجَّاجِيُّ فِي زِيَادَةِ الْمِفْتَاحِ: هُوَ وَصِيَّةٌ لِلْفُقَرَاءِ. اهـ وَالرَّاجِحُ أَنَّهُ كِنَايَةُ وَصِيَّةٍ وَلَوْ قَالَ: هَذَا الْعَبْدُ لِلْفُقَرَاءِ فَالْمَفْهُومُ مِنْ كَلَامِ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوَى النَّذْرِ وَمِنْ تَعْلِيلِ الْقَاضِي هُنَا أَنَّهُ يَصِحُّ الْإِقْرَارُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ وَجَدَ نَفَاذًا فِي مَوْضُوعِهِ إلَخْ) فَإِنْ قَبِلَ مُتَّصِلًا انْعَقَدَ هِبَةً