٨١٣ - وقد ظهر اختلاف الأئمة في أنه إذا أمّن الإمام في آخر الفاتحة، وكان المأموم في أثناء قراءة فاتحته، فأمّن عند تأمين الإمام، فهل تنقطع قراءته بهذا؟ فذهب ذاهبون إلى أن القراءة. تنقطع، وهذا قياس ما ذكرناه.
وصار صائرون إلى أنها لا تنقطع، وليس يتجه عندي هذا الوجه إلا بما رمزت إليه من أن المحذور ألاّ ينتظم الذكر بالقراءة، وإذا جرى في أثناء الكلام شيء هو محمل الذكر، ويظهر به أن الذكر لم يجر في نظم القراءة، كالتأمين عند تأمين الإمام، فهذا يبيّن انقطاع الذكر عن الانتظام، فلذلك جرى الخلاف فيه.
٨١٤ - وكذلك كان شيخي يذكر خلافاً في أن الإمام لو كان يقرأ السورة، والمأموم في أثناء الفاتحة، فانتهى الإمام إلى آية الرحمة، وطلب للرزق، فقال المأموم: اللهم ارزقنا -وهذا مما نستحبه كما سيأتي- فهل تنقطع القراءة؟ فعلى وجهين. وهو ملتحق بالمعنى الذي ذكرناه في مسألة التأمين؛ فإن ارتباط ما تخلل بما طرأ من الإمام يقطعه عن تخلل الانتظام بالقراءة.
٨١٥ - وإذا انتهى الإمام إلى آيةٍ فيها سجدة والمأموم في خلال القراءة، فيسجد، والمأموم يسجد متابعاً لا محالة، وهل تنقطع القراءة؟ فعلى ما ذكرناه من الوجهين، فهذا وجه الكشف في تحقيق القول في ذلك.
٨١٦ - ومن تمام القول في هذا، أن العراقيين حكَوْا عن نص الشافعي ما يدل على أنه لو ترك الموالاة ناسياً، لم يضر، وهذا مفرعّ على أنه لو ترك القراءة أصلاً، ناسياً، لم يعتد بالركعة، ومع هذا حكَوْا النص في أن ترك الولاء ناسياً غير ضائر.
وهذا غير سديد عندي، فإن ترك الولاء إذا كان (١) تختل به القراءة، فاذا جرى على حكم النسيان، فهو بمثابة ترك القراءة ناسياً.
وقد ذكر شيخي ما ذكره العراقيون وزاد كلاماً، فقال: لو ترك الترتيب في قراءة الفاتحة ناسياً، لم يعتد بقراءته، ولو أخلّ بالموالاة ناسياً، احتسب بالقراءة، وقال
(١) "كان" هنا تامة بمعنى (وُجد) و (حدث).