لفظ الكراهية في النرد، ولا اعتداد بذلك؛ فإنه كثيراً ما يُطلق الكراهية، ويريد التحريم كما قال: " وأكره استعمال أواني الذهب والفضة " وأراد التحريم.
وكان شيخي يجعل اللعب بالنرد من غير قمار صغيرة، ولا يرى الردّ بالمرّة حتى يفرض فيها إدمان وإصرار. وقال قائلون: الكرّة منه تفسّق.
١٢١٣٤ - وسأخرج هذا على الأصول التي سبق تمهيدها. فأقول: اللعب بالشطرنج بين أن يكون مباحاً أو مكروهاً، وعلى أي الوجهين قُدِّر لا يوجب ردَّ الشهادة لعينه، ثم يتطرق إليه وجهان: أحدهما - أن إظهاره قد يكون ترك مروءة من بعض الناس. والآخر - أن إدامة الاشتغال به تعطّل المهمات. وقد بيّنت ما يتلقى من كل أصلٍ من هذين الأصلين من الرد ونقيضه.
والنرد إن ألحقناه بالشطرنج؛ فقد مضى حكمه، وإن حرّمناه، فمن أصحابنا من يراه كبيرة، ومنهم من يراه صغيرة، ولا يخفى أثرهما، وتفصيل القول فيهما، ويتصل بذلك كله ملاحظةُ الاعتياد، وقدرُ استقباح الناس في كل قطرٍ، على ما تمهّد.
واللعب بالحمام لا يحرم، وذكر العراقيون وجهين في أنه هل يكره، وليس لأمثال هذا الخلاف وَقْعٌ عندي، ثم الكلام في ردّ الشهادة يضاهي الكلامَ في اللعب بالشطرنج.
فصل
قال: " ومن شرب عصير العنب ... إلى آخره " (١).
١٢١٣٥ - شرب الخمر المحرمة إجماعاً من الكبائر، ثم كل مسكرٍ حرام عند الشافعي، وخلاف أبي حنيفة في المثلّث، ونقيع الزبيب، وغيرهما لا يخفى، فمن تعاطى من أصحابنا (٢) شيئاً منها رُدَّت شهادته.
وقال الشافعي: " لو شرب الحنفي النبيذ، حددتُه، وقبلت شهادته " وقد ذكرنا
(١) ر. المختصر: ٥/ ٢٥٧.
(٢) عودة التسلسل الصحيح للترتيب بعد سدّ الخلل الذي كان.