ولا يتعرض لعرضٍ، ولا يشبب بامرأة معيّنة، فإن في (١) ذلك هتكاً للستر.
ولا يتطرق إلى العلم بالشعر ومنشئه ومنشده بعد التحرز مما ذكرناه إلا ترك المهمات من الأمور، فإن استوعب الأوقات بها، وترك ما يُهِمه، فقد يكون ذلك بمثابة خرق حجاب المروءة، وإن لم يكن مُضرباً عن مهماته، فلا ترد شهادته.
فتنخّل من مجموع ما ذكرناه خلافُ الأصحاب في جوهر الشعر وأنه كذب إن اشتمل على ما ينتهي إلى الكذب، أم هو صناعة؟ فإن جعلناه بمثابة الكذب، فيجب أن نفصل بين ما يحكيه (٢) وبين ما ينشئه، فلا (٣) يُسْقِطُ الثقةَ بصدق لهجته.
والكذب الذي يجري إذا قلّ وندر، لم يوجب ردَّ الشهادة، وإذا كثر (٤) أشعر باعتياد الكذب، فإذ ذاك يتضمن ردَّ الشهادة. هذا قولنا في الكذب المقصود، فما الظن بما ليس مقصوداً كذباً، فيجب أن يُفْصَل بين القليل منه والكثير (٥).
وإن جرينا على أنه ليس من الكذب، فإذا لم يكن فيه إيذاء فيبعد تحريمه، وقد يتطرق إليه ما ذكرناه من (٦) تَرك المهمات.
وإن اكتسب الشاعر بشعره، التحق ذلك بما يخرم المروءة، وقد انتجز القول فيه.
١٢١٣٨ - وبقي بعده الغناء: فما يحرُم قوله، يحرُم سماعه، وما لا فلا. وإدمان الغناء قولاً وسَمْعاً يخرم مروءة الدين، ويُلحق الرجل بالهازلين.
والرَّقْص ليس محرَم العين، وإنما هو حركات على استقامة أو اعوجاج، ولكن كثيره يَخْرِم المروءة، كسائر أصناف اللّعب إذا كان على اختيار.
(١) زيادة من المحقق ليصحّ نصبُ " هتكاً ".
(٢) بين ما يحكيه: أي من الشعر، أي ترديده لشعر غيره، أي يكون منشداً لا منشئاً، فالحكم لا شك يختلف فيهما، فلا تسقط العدالة بالإنشاد.
(٣) في الأصل: " ولا ".
(٤) في الأصل: " كثرت ".
(٥) خلاصة المسألة: أنا إن اعتبرنا الشعر الذي ينتهي إلى الكذب كذباً -وليس صناعة- فيجب أن نفرق أولاً بين منشئه ومنشده، ثم نفرق ثانياً في منشئه بين القليل والكثير.
(٦) في الأصل: " ممن ".