التوسع في قول الشاهد، وإحالة التثبت إلى مَفْصل القضاء، والإقرارُ لا يخرجه المرء على نفسه إلا وهو على نهاية التثبت فيه.
هذا وجه الفرق.
١٢١٥٤ - ونعود فنقول: لو قال الشاهد: أشهد أن لفلان على فلان ألفَ درهم، وأنا أشهدك على شهادتي هذه، أو أنت يا سامع، فاشهد على شهادتي هذه، فالشاهد يتحمل الشهادة على الشهادة.
وإذا وقع التقييد الذي وصفناه، فهذا يسمى الاسترعاء، وهذا الذي أطلق الفقهاء أقوالهم بأن الاسترعاء لا بد منه في تحمل الشهادة على الشهادة، والاسترعاء استفعال من الرعاية، كأنه يقول للمتحمل: أقبل على رعاية شهادتي وتحمّلْها، وهذا المعنى يتأدى بألفاظ لا نحصرها، منها أن يقول: " أشهدك على شهادتي " ومنها أن يقول: " اشهد على شهادتي "، أو يقول: " إذا استُشْهدت على شهادتي، فقد أذنت لك في أن تشهد عليها ".
ثم أجمع أصحابنا على أن الاسترعاء في عينه ليس شرطاً، بل إذا جرى لفظ الشهادة من شاهد الأصل على وجهٍ لا يحتمل إلا الشهادة، فيصير السامع فرعاً له، وإن لم يصدر من جهته أمر أو إذنٌ في تحمل الشهادة.
وبيان ذلك أن من شهد عند القاضي، وكان بالحضرة سامعٌ لشهادته، ولم يتفق من القاضي القضاء بشهادته، فلمن سمعها أن يشهد على شهادته؛ فإنه أقامها فى مكان يُجرَّد فيها (١) قصدُ الشهادة، ولا يُفرَضُ فيها تردد، وهذا هو المطلوب.
ولو أشهد شاهدُ الأصل زيداً على شهادته، وأجرى الاسترعاءَ على حسب ما قدمناه، وكان عمرو بالحضرة، فلعمرو أن يتحمل الشهادة، كما لزيد المسترعى أن يتحملها؛ فإنه لما استرعى زيداً، فقد تبين تجريدَه القصدَ في الشهادة، وهو المطلوب، فيتحملها عمرو وإن لم يتعلق الاسترعاءُ به؛ فإن الإشهاد على الشهادة ليس استنابةً من شاهد الأصل ولا توكيلاً، وإنما الغرض منه الحصول على الشهادة في حقها
(١) كذا في النسختين بضمير المؤنث، على قصد وتقدير القضية والدعوى، ونحوها.