الشافعي مفروض في العتق المنخز أو في العتق الموصى به، ونحن نذكر التنجيز وحكمه، ونخرّج عليه التعرض لقسمة العتق وفضّه، ثم نذكر الوصية، ونختتم الكلام بتعلق الأصحاب في تنزيل كلام الشافعي على التنجيز والوصية، وما يُظهر كل فريق من فحوى كلامه ومنطوقه.
فأما التنجيز، فإذا أعتق المريضُ عبدين، قيمةُ كل واحد منهما مقدار الثلث، نُظر؛ فإن أعتقهما معاً، لم يختلف الأصحاب في الإقراع. وهذا مورد نص الحديث الذي رواه عمران بن حصين.
فأما إذا أعتق سالماً أولاً، ثم أعتق غانماً، وكان كل واحد منهما ثلثاً، فالمقدم عتق سالم، ولا مجال للإقراع، وإن أشكل الأمر، ولم ندر أيَّ العتقين وقع أولاً، وجوّزنا أن يكون وقوعُهما معاً، والتبس علينا التقدم والترتب والوقوعُ معاً؛ فإنا نقرع بينهما كما لو وقعا معاً.
وإن علمنا تقدم أحدهما على الثاني، وأشكل علينا المتقدم والمتأخر، فالغرض من هذا الموضع يتبين بتجديد العهد بمثال من أصلٍ، وهو إذا عقدت جمعتان في بلدة لا يجوز عقد الجمعتين فيها، فلو وقعتا معاً، لم تصح واحدة منها، ولو تقدمت إحداهما، وتعينت، فهي الصحيحة، وعلى الذين أقاموا الثانية صلاةُ الظهر. وإن لم ندرِ أوقعتا معاً، أم تقدمت إحداهما، فهو كما لو وقعتا معاً.
وأثر حكمنا بفساد الجمعتين أن نقول لهم - إن كان الوقت باقياً: اعقدوا الآن جمعة، فالذي مضى فاسد غيرُ منعقد (١) وإن سبقت إحداهما وأشكلت السابقة، فقولان: أحدهما - أنا نحكم بفسادهما، والثاني - أنا نحكم بصحة جمعة لا بعينها، وأثر ذلك أنا نأمر الجميع بأن يصلى الظهر، ولو أرادوا جمعة في الوقت، لم تقع الموقع.
ولو تقدمت إحدى الجمعتين وتعينت، ثم التبست بعد التعيين، ففي المسألة
(١) عبارة (ت ٥): " فاسد غير منعقد، وإن ترددنا، فلم ندر أوقعتا معاً، أو ترتبت إحداهما على الأخرى، فهو كما لو وقعتا معاً، وإن سبقت إحداهما ... إلخ " وهو تكرار واضح.