عندي اشتراط التقييد بالصحة في النكاح؛ فإنها لفظة جامعة دالة على المقصود، وإذا شرطنا التفسير في الدعوى، فشرطنا على الشهود أن يفسّروا الشهادة. وإن لم نشترط ذلك في الدعوى، لم نشترط في الشهادة؛ فإن الشهادة تبين الدعوى، فكانت على حسبها، وهي مختصة بلفظ الشهادة تعبداً.
ولو أقرت المرأة بالنكاح، فالأصح قبول إقرارها، وقد مضى ذلك مفصلاً في كتاب النكاح، والذي نذكره الآن أنا إذا اشترطنا التفسير في الدعوى، هل نشترط التفسير في الإقرار ليصح؟ المذهبُ أنا لا نشترط. ومن أصحابنا من شرط التفسير في الإقرار، وهذا يضاهي ما ذكرناه في الزنا؛ فإن شهود الزنا يتناهَوْن في التفسير، ولا يرعى في شهود القذف التفصيل. وهل يشترط في الإقرار بالزنا التفصيل؟ فعلى قولين.
ونحن نعقد فصلاً متصلاً بما ذكرناه، ونبين به أصلاً كثير التداور في الدعاوي والبينات، فلنبين الأطراف، ونربطه بالنكاح.
فصل
١٢٢٣٤ - ظهر اختلاف الأصحاب في أن يمين الرد يُنرَّل منزلةَ البينة، أو ينزل منزلةَ إقرار المدعى عليه، ثم من الأصحاب من استعمل هذين القولين في غير وجهه.
ونحن نرى أن نرسم ثلاثَ مراتبَ، تحوي كلُّ مرتبة ما يتعلق بها، ثم تنتصب معتبراً في المسائل، فنقول:
إذا (١) ادعى الرجل على امرأة خلية أنها زوجتُه، فإن قلنا: إقرارها مقبول، فالدعوى مسموعة عليها؛ اعتباراً بكل مدّعىَ يصح الإقرار به، وإن قلنا: لو أقرت بالنكاح، لم يُقبل إقرارها، فهل تتوجه الدعوى عليها واليمين؟ فعلى قولين مبنين على أن اليمين المردودة كبيّنة، أم هي بمثابة الإقرار؟ فإن قلنا: هي بمثابة الإقرار، فلا تُحَلَّفُ المرأة؛ فإن غاية توقع الخصم أن تنكُل، ويحلف هو يمين الرد، ولو
(١) هذه هي المرتبة الأولى من المراتب الثلاث.