واتصلت حركاته، فإن ظن ظان والحالة هذه أن زيادة حركاته وراء أقلّ حد الركوع يحسب طمأنينة، قيل له: ليس كذلك، والرجل غير مطمئن؛ والسبب فيه أنا نشترط الطمأنينة ليتميز الركن بها بانفصاله عمّا قبله وبعده؛ فإنه إذا كان كذلك، كان ركناً معموداً متميزاً، فإذا تواصلت الحركات، فلا يحصل هذا الغرض، فهذا بيان الأقل.
٨٤٨ - ولا يجب عندنا ذكرٌ في الركوع -خلافاً لأحمد بن حنبل (١) - فإن الركوع في نفسه مخالف للهيئة المعتادة، فلم يُشترط فيه ذكر، بخلاف القيام، فإنه واقعٌ في الاعتياد، فخصص بقراءة في العبادة.
٨٤٩ - فأما بيان الأكمل، فنذكر ما يتعلق بالهيئات، ثم نوضح الذكرَ المشروع فيه.
فينبغي للرّاكع أن يجاوز الحدّ الذي ذكرناه في الأقل، ويسوّي ظهره في الرّكوع، وينصب قدميه من موطئهما إلى حَقْوَيه، ويخنِس ركبتيه إلى وراء، ولا نرى له أن يثني ركبتيه، بل ينصب الرجلين، ويثني ما فوقهما على استواء.
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمدّ ظهره وعنقه في الركوع على استواء، بحيث لو صبّ الماء على ظهره، لاستمسك، ويضم راحتيه على ركبتيه والأصابعُ على حِلْيتها (٢) متوسطة في التفريج، وينبغي أن يوجهها نحو القبلة، وإذا انتهى إلى المنتهى الذي ذكرناه، فيجافي مرفقيه عن جنبيه، ولا نُؤثر له أن يتجاوز في الانحناء الاستواء الذي وصفناه.
٨٥٠ - فأمّا الذكر المشروع، فينبغي أن يقول إذا ابتدأ الهوي: الله أكبر، ثم اختلف قول الشافعي، فقال في قولٍ: يحذف التكبير حذفاً، ولا يمده، ولا يبسطه، وليس المراد بحذفه أن يوقعه قائماً ثم يبتدىء بالهوي، بل يكبر في هويه، ولكن لا يحاول البسط.
(١) ر. كشاف القناع: ١/ ٣٩٠، الإنصاف: ١/ ١١٥، غاية المنتهى: ١/ ١٤١.
(٢) حِلْيتها أي خلقتها وصِفَتها. وفي (ت ١): جبلّتها. والمعنى واحد. أما في (ت ٢) فحرّفت إلى حيلتها. (المعجم).