ولو أقام بينة على الشراء من الشخص الذي عيّنه، ولم يتعرض للملك، ثم أقام بينة أخرى على ملك ذلك البائع، قال القاضي: يجوز ذلك، ولا فرق بين أن تشهد بينة واحدة على الأمرين وبين أن تشهد بينتان عليهما، وهذا صحيح؛ فإن البينة الشاهدة على ملك البائع. وإن لم تتعرض للشراء، فالغرض به تصحيح الشراء، فلا فرق بين أن تتعدد البينة وبين أن تتّحد.
فصل
قال: " ولو كان الثوب في يد رجل، فأقام رجلان كل واحد منهما البينةَ أنه ثوبُه، باعه ... إلى آخره " (١).
١٢٢٨٢ - صورة المسألة: ثوب في يد واحد، ادعى رجلان - كل واحد منهما أنه باع منه ذلك الثوب الذي في يده بألف درهم، وعليه ثمنه، وأقام كل واحد بينةً على وفق دعواه.
هذه صورة المسألة، ومقصودها يؤول إلى دعوى الثمن، والعين مسلّمة إلى صاحب اليد، فنقول: إذا كانت البينتان مطلقتين، فقال معظم الأصحاب: لا تتهاتر البينتان، قولاً واحداً، ولكل واحد منهما تمامُ الثمن الذي ادعاه؛ فإنَّ صدق البينتين ممكن؛ بتقدير عقدين يتخللهما انتقال الملك إلى الثاني من المدعيين، ثم يُفرض بعد ذلك البيع منه. هذه طريقة.
ومن أصحابنا من حكم بتهاتر البينتين.
وقد ذكرنا قبل ذلك ادعاء الخارجيين في الشراء، وهذه المسألة مفروضة في البيع، وتقدير التصحيح في العقدين ممكن في الصورتين. ولكن الأصحاب أجرَوْا طريقين في مسألة ادّعاء (٢) الشراء كما مضى. وميلُهم الأظهر في مسألة البيع -وهي التي نحن فيها- استعمالُ البينتين. وإن كان من الأصحاب من يُجري قول التهاتر.
(١) ر. المختصر: ٥/ ٢٦٤.
(٢) في الأصل: " إنشاء ". والمثبت من (ت ٥).