فهذا بيان الوضع والكشف.
ثم لا يقوم غيرُ الجبهة مقامها، فلو وضع الأنف، ورفع الجبهة، ولم يضعها، لم يجز عندنا.
٨٥٨ - ومما بقي في ذلك الكلامُ في هيئة الساجد، فيما يتعلق بالأقلّ: وكان شيخي يقول: إن تنكس المرء في سجوده، فتسفَّلَتْ أعاليه، واستعلت أسافله، فهذه الهيئة هي المطلوبة. وإن وضع جبهته على شيء مرتفع، وكان موقع رأسه أعلى من حَقْوه، لم يكن ساجداً، ولم يكن ما جاء به معتداً به، ولو كان مستوياً منبطحاً بحيث يساوي موضع رأسه حَقْوه، فهذا كان يتردد فيه، وهو موضع التردّد.
وأنا أقول: إن تقبض وانخنس، ووضع رأسه بالقرب من ركبته، فهذا ليس هيئةَ السجود، ولا يُشعر أيضاً بالتواضع المطلوب، وإن بعد رأسه عن موضع ركبته، فإن موضع جبهته ينخفض عن كتفه لا محالة، فلا يخلو الساجد في المكان المستوي عن هذا الضرب من الانخفاض. والظاهر عندي هاهنا الإجزاء؛ فإن الانخفاض والتواضع ظاهر.
وإن كان موضع الرأس مرتفعاً قليلاً، بحيث يساوي الرأس الكتف واليدين، وسببَ الاستواء ما ذكرناه من الارتفاع، فالظاهر المنع هاهنا، وإن لم يكن موضع الرأس أعلى مما وراءه.
وكان شيخي يذكر التردد مطلقاً في صورة الاستواء، ويعتبر التسوية بين الحقو وموضع الرأس.
ومما يتعلق بهذا أنه لو سجد على وسادة، فإن كان متنكساً مع ذلك، جاز، ولا شك فيه. وإن ارتفع الرأس لهذا السبب، لم يجز أصلاً، وإن كان هذا سببَ الاستواء، ففيه التردد الذي ذكرته.
ولو كان في مرض يمنعه من التنكس، وكان لا يتأتى منه هيئة الاستواء أيضاً، ولكن لو وضعت وسادة، لَوَضَع جبهتَه عليها، ولو لم يكن، لانتهى الرأس إلى ذلك الحد من غير وضعٍ على شيء، فهل يجب الوضع على وسادة، أو يدني الرأس جهده