ووجه ذلك أنه كما صرف صورة السجود عن الصلاة، فيصرف الهوي عن الصلاة، فَلْيَعُدْ إلى ما كان، فكأنه لمْ يهوِ، وليبتدىء الهوي، فهذا وجه في الاحتمال.
والأظهر عندي أن يعتدل جالساً، ثم يسجد، وعلة ذلك أن الجلسة كافية في الفصل بين السجدتين، فليقع الاكتفاء بها الآن، والذي يسجد السجدة الثانية، يسند سجدته الثانية إلى فاصل يبني عليه ابتداء السجود الثاني.
وكان من الممكن أن يؤمر بالقيام والهوي منه إلى السجدة الثانية، فلما لم يرد الشرع بهذا دلّ أن القعود كافٍ، فعلى هذا لو قام -ونحن نكتفي بالقعود- فهذا زاد قياماً في صلاته من غير حاجةٍ، وسأقرر هذا إن شاء الله تعالى عند ذكري زيادة الأركان قصداً في أدراج ذكر الأفعال الكثيرة والقليلة إذا جرت.
فهذا أحد الأمرين في تتمة الفصل.
الثاني - أنه قد يتخالج في نفس الفقيه أن المصلي مأمور بأفعاله، فإذا جرت حركات الهوي ضرورية، فيستحيل أن تقع مأموراً بها؛ فإن المأمور به يجب قطعاً أن يكون فعلاً للمكلّف.
فالوجه في التفصِّي (١) عن هذا، أن هذه الحركات غير مقصودة، وإنما الغرض الإتيان بالسجود، ثم يقال عند ذلك: فالسجود لم يقع أيضاً مقصوداً، وهو مقصود قطعاً. وقد مضى في صدر الكلام أن استدامة السجود لا يقع موقع ابتدائه.
فالذي أراه -وإن نقلت ما ذكره الأصحاب- أنه لا يعتد بهذا السجود، ولا يكفي، فليعتدل قائماً، ويسجد (٢) سجدةً عن الاعتدال.
والشافعي رحمه الله فرض المسألة فيه إذا سقط على جنب، ثم استقام واستدَّ، فقد حكيت ما ذكره الأئمة، ثم اختتمت الكلام بما عندي فيه. والله المستعان.
(١) "التفصي": أي الخروج عن هذا الاعتراض المفهوم من الكلام، من قولهم: تَفَصى من الشيء، وعنه، إذا تخفص منه (المعجم).
(٢) في (ت ١)، و (ت ٢): وليسجد، و (ت ٢) بدون "قائماً". ومثلها جاءت (ل) بدون "قائماً".