البعد أن ينتهي التفريع التقديري الآيل إلى اللفظ إلى منتهى يناط به إثباتُ تعجيز ونفي تعجيز.
١٢٥٣٦ - ثم قال الشافعي: " ولو مات المولى بعد قبض جميع النجوم قبل الإيتاء، استحق العبد في تركته ... إلى آخره " (١).
الوجه أن نذكر فقه الفصل، وما لا يجوز اعتقاد خلافه في قاعدة المذهب، ثم نذكر النص، والإشكال في فحواه، واضطراب الأصحاب بحسبه.
فأما ما يجب التعويل عليه، وهو أن الإيتاء حق مستحق، إذا عتق المكاتب بتأدية جميع النجوم، صار ما يستحقه ديناً، فإذا مات المولى قُدِّم ما يستحقه العتيق على الوصايا وحقوق الورثة كسائر الديون، وإن كثرت الديون، ضارب المكاتَب أصحاب الديون.
فإذا تبين هذا - فقد قال الشافعي فيما نقله المزني: " حاصّ المكاتَب الذي عتق أهلَ الوصايا " (٢)، وهذا يُشكِل، لما نبهنا عليه، واضطربَ رأي الأصحاب في هذا النص اضطراباً جرّ خبالاً عن أصل المذهب.
فحكى العراقيون في ذلك وجهين: أحدهما - أن واجب الإيتاء في مرتبة الوصايا، والديونُ مقدمة عليه؛ فإن الإيتاء مكرُمة وإن وجبت، وقال الشيخ أبو حامد: الوجوب في الإيتاء ضعيف، ورمز إلى ضعف متعلق المذهب في ذلك.
وهو غير سديد مع وجوب الإيتاء، والأصول لا تصَادم بأمثال هذا، ولو قدّمنا ديناً على دين، فقد نجد له نظيراً، فأما إيقاع الإيتاء في مرتبة الوصايا، فلا اتجاه له، ولا شك أن هذا القائل يقول: إذا ضاق الثلث، فلا مزيد، وهذا على نهاية البعد.
والوجه الثاني للعراقيين - أن ما يراه القاضي باجتهاده، فالقول فيه أن المتمول منه دين، والزائد عليه -وإن أوجبناه- في رتبة الوصايا، وهذا كقولنا فيمن أوصى
(١) ر. المختصر: ٥/ ٢٧٦. وعبارة المختصر بنصها: " ولو مات السيد، وقد قبض جميع نجوم الكتابة، حاصَّ المكاتب بالذي له أهل الدين والوصايا ".
(٢) ر. المختصر: السابق نفسه: العبارة ذاتها.