لأن العتق يحصل في الكتابة الصحيحة بقضية المعاوضة، والعتق مقابَل بملكٍ لازم متأكد، لا يتطرق إليه إمكان الرفع والقطع، فإذا ردّ، تبينا أن العوض على مقتضى العقد لم يَجْر فيه ملك، والعتق لا يكتفى في حصوله بجريان ملك جائز على عوض ناقص.
ومن أصحابنا من قال: ينفذ العتق على الجواز، كما حصل الملك في العوض على الجواز، فإن حصل الرضا، لزم الملك والعتق، وإن اتفق الردُّ، ارتد العتق بعد نفوذه، وهذا ضعيف لا أصل له، ولكن حكاه القاضي وزيّفه، وقد نجد له نظيراً في تفريعات العتق في العبد المشترى في زمان الخيار، ولا أحد يصير إلى تنفيذ العتق على اللزوم.
ومما يتصل بهذا الفصل أن القابض لو تلف ما قبضه، ثم اطلع على ما كان به من نقص، فإن رضي به، فقد قال الصيدلاني: ينفذ العتق، فإن لم يرض به وأراد الرجوع إلى الأرش، فنتبين أن العتق لم ينفذ.
هكذا قال الأئمة، حتى إن فرض عجز عن تأدية الأرش، فللمولى أن يعجّز المكاتب به، كما يعجزه بالعجز عن مقدارٍ من النجوم.
١٢٥٤٥ - وفي هذا مزيد بحث يستدعي تقديمَ أصل في ذلك. فنقول: من اشترى عيناً وتلفت في يده، واطلع على عيب، فالرضا والإغضاء إبراءٌ عن حق ثابت أم لا؟ ما دلّ عليه فحوى (١) كلام الأئمة أنه لا حاجة إلى إنشاء الإبراء، والرضا كافٍ، وتعليله أن الأرش في حكم العوض عن حق الرد، ثم حق الرد يكفي في سقوطه (٢) الرضا، فليكن الأرش بمثابته، وإن طلب الأرشَ، تقرر حقه، ثم لا يسقط ما لم يسقطه، ولا يخفى أن طلب الأرش ليس على الفور، وإنما الفور في الرد.
فإذا تبين هذا في العين المبيعة المقبوضة إذا تلفت، فلو كان المقبوض عينَ ملتزم في الذمة، فإذا فات في يد القابض، فالذي ذكره الأئمة أنه إن رضي، استمر العتق، ولا إشكال.
(١) ت ٥: " مجرى ".
(٢) في الأصل: " سقوط ".