فإن حكمنا بأن العتق مردود وإن صدر عن الإذن، فلا كلام. وإن نفذنا العتق: ففي الولاء قولان مشهوران: أحدهما - أن الولاء يكون لسيد المكاتب؛ فإن إثباته للمكاتب محال، وهو رقيقٌ بعدُ، وتعليق الولاء ووقفُه إلى أن يَبينَ أمرُه في المستقبل بعيد، (١ وتعرية العتق عن الولاء لا وجه له. وإذا كنا نجعل ولاء المكاتب للمولى إذا عَتق ١)، فلا يبعد أن نجعل ولاءَ معتَقه للمولى أيضاً. هذا قول.
والقول الثاني - أن الولاء موقوف؛ فإنْ عَتَقَ المكاتب، فولاء معتَقه له، وإن رقَّ فالولاء موقوف بعدُ؛ فإنا نرتجي عتقه بعد العجز من أوجه، فإن مات رقيقاًً فيكون الولاء حينئذ لسيده.
وهذا فيه بعضُ النظر، فلا يمتنع أن نقول: إذا رق المكاتب، فولاء معتقه لمولاه من غير أن نرتقب عتقاً آخر، فإنا نتبين إذا رق أن تصرفه على حكم استقلال الكتابة قد انقطع، فإن فُرض عتقه بعد الرق من وجه آخر، لم يتعلق ما تقدم في حال الكتابة بهذا العتق الواقع بعد انفساخ الكتابة. والله أعلم.
وذكر صاحب التقريب في الولاء أنا إذا نفذنا العتق، وقلنا: الولاء للسيد في الحال، فلو عتق المكاتب، فهل ينجر الولاء إليه من سيده؟ فعلى وجهين: أحدهما - لا ينجر، وهو القياس.
وجرّ الولاء ليس أمراً منقاساً (٢)، والواجب اتباعُ موضع الإجماع فيه، ومحل الوفاق جرّ ولاء السراية من موالي الأم إلى موالي الأب، إذا فرض إعتاق الأب، فأما الجر من السيد إلى المكاتب بعد العتق، فليس في معنى ما ذكرنا.
والوجه الثاني - أنا نجر؛ لأنا أثبتنا الولاء للسيد إثباتَ ضرورة؛ من حيث لم نجد بداً من إثباته، ولم نجد من نضيف الولاء إليه غيرَ السيد، فإذا عتق المكاتب، جررنا إليه؛ فإنه المباشر، وقد انتهى إلى حالةٍ يُتَصَّور منه إنشاء الإعتاق فيها، واستحقاق الولاية.
(١) ما بين القوسين سقط من (ت ٥).
(٢) عبارة الأصل: " وهو أن جر الولاء ليس أمراً منقاساً "، والمثبت من عبارة (ت ٥).