باب جناية المكاتب على سيده
١٢٦٠٩ - ذكر المزني أحكام جناية المكاتب وأحكام الجناية عليه في أبواب، ولو نظم جميعَها في تقسيمٍ، لكان أضبط، ولكنا نتيمن بالجريان على مراسمه.
أما إذا جنى على سيده جنايةَ قصاص، وجب القصاص، وإن جنى عليه، أو على ماله، فهو مطالب بالأرش، كما لو جنى على أجنبي، وغَمْرةُ هذه الأبواب التعرضُ لاجتماع النجم، وديون المعاملة، وأروش الجناية للسيد والأجانب، وقد استقصينا هذا.
ومما نزيده أن المكاتب إذا جنى على سيده، أو على أجنبي، فبكم يطالب إذا كان أرشُ الجناية أكثرَ من قيمته؟ فعلى قولين، ذكرهما صاحب التقريب: أحدهما - أنه يطالَب بتمام الأرش؛ فإنه فيما يطالب به -ما دامت الكتابة- كالحرّ، والأرش لا يتعلق برقبته ما استمرت الكتابة.
والقول الثاني - أنه لا يطالب إلا بمقدار قيمة رقبته إذا زاد الأرش عليها؛ لأنه يملك تعجيز نفسه، وإذا فعل، فلا مرجع إلا إلى رقبته. هذا فيه إذا كان هو الجاني.
فأما إذا جنى عبدٌ من عبيده، فأراد أن يفديه، وكان الأرش أكثر من قيمته، فليس له أن يفديه بالأرش -وإن قلنا: الحر يفدي عبده بالأرش بالغاً ما بلغ -والسبب فيه أن الحر لا يلزمه الفداء. نعم، لو أراد الفداء، فأحد القولين أنه يفديه بالأرش التام، وإن أبى سلّمه للبيع.
فنقول: للمكاتب: ليس لك أن تفديه إذا قلنا: الفداء بالأرش التام، بل سلِّمه ليباع؛ فإنّ بذل الزيادة تبرعٌ، وهو ممنوع منه.
ولو قال: أبذل مقدار القيمة، فاتركوه، ولا تبيعوه -والتفريع على أن الفداء بالأرش- لم يُجَب إلى ما يبغيه.